أَلا يا اِسلَما عَلى التَقادُمِ وَالبِلى
بِدومَةِ خَبتٍ أَيُّها الطَلَلانِ
فَلَو كُنتُ مَحصوبًا بِدومَةَ مُدنَفًا
أُسَقّى بِريقٍ مِن سُعادَ شَفاني
وَكَيفَ يُداويني الطَبيبُ مِنَ الجَوى
وَبَرَّةُ عِندَ الأَعوَرِ اِبنِ بَيانِ
أَيَجعَلُ بَطنًا مُنتِنَ الريحِ مُقفِرًا
عَلى بَطنِ خَودٍ دائِمِ الخَفَقانِ
يُنَهنِهُني الحُرّاسُ عَنها وَلَيتَني
قَطَعتُ إِلَيها اللَيلَ بِالرَسَفانِ
فَهَلّا زَجَرتَ الطَيرَ لَيلَةَ جِئتَهُ
بِضَيقَةِ بَينَ النَجمِ وَالدَبَرانِ
أَبى القَلبُ أَن يَنسى عَلى ما يَشُفُّهُ
قَواتِلَهُ مِن سالِمٍ وَأَبانِ
إِذا قُلتُ أَنسى ذِكرَهُنَّ تَعَرَّضَت
حَبائِلُ أُخرى مِن بَني الجَلَفانِ
خَليلَيَّ لَيسَ الرَأيُ أَن تَذَراني
بِدَوِّيَّةٍ يَعوي بِها الصَدَيانِ
وَأَرَّقَني مِن بَعدِ ما نِمتُ نَومَةً
وَعَضبٌ جَلَت عَنهُ القُيونُ بِطاني
تَصاخُبُ ضَيفَي قَفرَةٍ يَعرِفانِها
غُرابٍ وَذِئبٍ دائِمِ العَسَلانِ
إِذا حَضَراني عِندَ زادِيَ لَم أَكُن
بَخيلًا وَلا صَبًّا إِذا تَرَكاني
إِذا اِبتَدَرا ما تَطرَحُ الكَفُّ فاتَهُ
بِهِ حَبَشِيٌّ كَيِّسُ اللَحَظانِ
يُباعِدُهُ مِنهُ الجَناحُ وَتارَةً
يُراوِحُ بَينَ الخَطوِ وَالحَجَلانِ
إِذا غَشِياني هيلَتِ النَفسُ مِنهُما
قُشَعريرَةً وَاِزدَدتُ خَوفَ جَنانِ
وَلَمّا رَأَيتُ الأَرضَ فيها تَضايُقٌ
رَكَبتُ عَلى هَولٍ لِغَيرِ أَوانِ
جُمالِيَّةً غولَ النَجاءِ كَأَنَّها
بَنِيَّةُ عَقرٍ إِو قَريعُ هِجانِ
إِذا عاقَبَتها الكَفُّ بِالسَوطِ راوَحَت
عَلى الأَينِ بِالتَبغيلِ وَالخَطَرانِ
بِذي خُصَلٍ سَبطِ العَسيبِ كَأَنَّهُ
عَلى الحاذِ وَالأَنساءِ غُصنُ إِهانِ
كَأَنَّ مَقَذَّيها إِذا ما تَحَدَّرا
عَلى واضِحٍ مِن ليتِها وَشَلانِ
كَأَنّي وَأَجلادي عَلى ظَهرِ مِسحَلٍ
أَضَرَّ بِمَلساءِ السَراةِ حِصانِ
رَعاها بِصَحراوَينِ حَتّى تَقَيَّظَت
وَأَقبَلَ شَهرًا وَقدَةٍ وَعِكانِ
وَما هاجَها لِلوِردِ حَتّى تَرَكَّزَت
رِياحُ السَفا في صَحصَحٍ وَمِتانِ
فَصاحَبَ تِسعًا كَالقِسِيِّ ضَرائِرًا
يُثِرنَ تُرابَ القُفِّ بِالنَدَفانِ
تَصَدَّعُ أَحيانًا وَحينًا يَصُكُّها
كَما صَكَّ دَلوَ الماتِحِ الرَجَوانِ
تَصُكُّ الهَوادي مَنكِبَيهِ وَرَأسَهُ
فَبِالدَمِ ليتا عُنقِهِ خَضِلانِ
فَلَولا يَزيدُ اِبنُ الإِمامِ أَصابَني
قَوارِعُ يَجنيها عَلَيَّ لِساني
وَلَم يَأتِني في الصُحفِ إِلّا نَذيرُكُم
وَلَو شِئتُمُ أَرسَلتُمُ بِأَماني
فَآلَيتُ لا آتي نَصيبينَ طائِعًا
وَلا السِجنَ حَتّى يَمضِيَ الحَرَمانِ
لَيالِيَ لا يُجدي القَطا لِفِراخِهِ
بِذي أَبهَرٍ ماءً وَلا بِحِفانِ
يُقَلِّصُ عَن زُغبٍ صِغارٍ كَأَنَّها
إِذا دَرَجَت تَحتَ الظِلالِ أَفاني
كَأَنَّ بَقايا المُحِّ مِن حَيثُ دَرَّجَت
مُفَرَّكُ حُصٍّ في مَبيتَ قِيانِ
إِلى كُلِّ قَيضِيٍّ ضَئيلٍ كَأَنَّما
تَفَلَّقَ في أُفحوصِهِ صَدَفانِ
أَتاني وَأَهلي بِالأَزاغِبِ أَنَّهُ
تَتابَعَ مِن أَهلِ الصَريحِ ثَماني
جُمِعنَ فَخَصَّ اللَهُ بِالسَبقِ أَهلَهُ
عَلى حينِهِ مِن مَحفِلٍ وَرِهانِ
وَلَمّا عَلَونَ الأَرضَ شَرقِيَّ مُعنِقٍ
ضَرَحنَ الحَصى الحَمصِيِّ كُلَّ مَكانِ
وَلَمّا ذَرَعنَ الأَرضَ تِسعينَ غَلوَةً
تَمَطَّرَتِ الدَهماءُ بِالصَلَتانِ
كَأَنَّهُما لَمّا اِستَحَمّا وَأَشرَفا
سَليبانِ مِن ثَوبَيهُما صَرِدانِ
كَأَنَّ ثِيابَ البَربَرِيِّ تُطيرُهُ
أَعاصِرُ ريحٍ حَرجَفٍ زَفَيانِ
وَلَمّا نَأى الغاياتُ جَدّا كِلاهُما
فَلا وِردَ إِلّا دونَ ما يَرِدانِ
0 تعليقات