لِمَنِ الدِيارُ بِحائِلٍ فَوُعالِ
دَرَسَت وَغَيَّرَها سُنونَ خَوالي
دَرَجَ البَوارِحُ فَوقَها فَتَنَكَّرَت
بَعدَ الأَنيسِ مَعارِفُ الأَطلالِ
فَكَأَنَّما هِيَ مِن تُقادُمِ عَهدَها
وَرَقٌ نُشِرنَ مِنَ الكِتابِ بَوالي
دِمَنٌ تُذَعذِعُها الرِياحُ وَتارَةً
تُسقى بِمُرتَجِزِ السَحابِ ثَقالِ
باتَت يَمانِيَةُ الرِياحِ تَقودُهُ
حَتّى استَقادَ لَها بِغَيرِ حِبالِ
في مُظلِمٍ غَدِقِ الرَبابِ كَأَنَّما
يَسقي الأَشَقَّ وَعالِجًا بِدَوالي
وَعَلى زُبالَةَ باتَ مِنهُ كَلكَلٌ
وَعَلى الكَثيبِ وَقُلَّةِ الأَدحالِ
وَعَلا البَسيطَةَ فَالشَقيقُ بِرَيِّقٍ
فَالضَوجَ بَينَ رُوَيَّةٍ فَطِحالِ
دارٌ تَبَدَّلَتِ النَعامَ بِأَهلِها
وَصِوارَ كُلِّ مُلَمَّعٍ ذَيّالِ
أُدمٌ مُخَدَّمَةُ السَوادِ كَأَنَّها
خَيلٌ هَوامِلُ بِتنَ في الأَجلالِ
تَرعى بَحازِجُها خِلالَ رِياضِها
وَتَميسُ بَينَ سَباسِبٍ وَرِمالِ
وَلَقَد تَكونُ بِها الرَبابُ لَذيذَةً
بِفَمِ الضَجيعِ ثَقيلَةَ الأَوصالِ
يَجري ذَكِيُّ المِسكِ في أَردانِها
وَتَصيدُ بَعدَ تَقَتُّلٍ وَدَلالِ
قَلبَ الغَوِيِّ إِذا تَنَبَّهَ بَعدَ ما
تَعتَلُّ كُلُّ مُذالَةٍ مِتفالِ
عِشنا بِذَلِكَ حِقبَةً مِن عَيشِنا
وَثَرىً مِنَ الشَهَواتِ وَالأَموالِ
وَلَقَد أَكونُ لَهُنَّ صاحِبَ لَذَّةٍ
حَتّى تَغَيَّرَ حالُهُنَّ وَحالي
فَتَنَكَّرَت لَمّا عَلَتني كَبرَةٌ
عِندَ المَشيبِ وَآذَنَت بِزِيالِ
لَمّا رَأَت بَدَلَ الشَبابِ بَكَت لَهُ
وَالشَيبُ أَرذَلُ هَذِهِ الأَبدالِ
وَالناسُ هَمُّهُمُ الحَياةُ وَما أَرى
طولَ الحَياةِ يَزيدُ غَيرَ خَبالِ
وَإِذا افتَقَرتَ إِلى الذَخائِرِ لَم تَجِد
ذُخرًا يَكونُ كَصالِحِ الأَعمالِ
وَلَئِن نَجَوتُ مِنَ الحَوادِثِ سالِمًا
وَالنَفسُ مُشرِفَةٌ عَلى الآجالِ
لَأُغَلغِلَنَّ إِلى كَريمٍ مِدحَةً
وَلَأُثنِيَنَّ بِنائِلٍ وَفَعالِ
إِنَّ ابنَ رِبعِيٍّ كَفاني سَيبُهُ
ضِغنَ العَدُوِّ وَنَبوَةَ البُخّالِ
أَغلَيتَ حينَ تَواكَلَتني وائِلٌ
إِنَّ المَكارِمَ عِندَ ذاكَ غَوالي
وَلَقَد شَفَيتَ غَليلَتي مِن مَعشَرٍ
نَزَلوا بِعَقوَةِ حَيَّةٍ قَتّالِ
بَعُدَت قُعورُ دِلائِهِم فَرَأَيتُهُم
عِندَ الحَمالَةِ مُغلَقي الأَقفالِ
وَلَقَد مَنَنتَ عَلى رَبيعَةَ كُلِّها
وَكَفَيتَ كُلَّ مُواكِلٍ خَذّالِ
كَزمِ اليَدَينِ عَنِ العَطِيَّةِ مُمسِكٍ
لَيسَت تَبِضُّ صَفاتُهُ بِبِلالِ
مِثلِ ابنِ بَزعَةَ أَو كَآخَرَ مِثلِهِ
أَولى لَكَ ابنَ مُسيمَةِ الأَجمالِ
إِنَّ اللَئيمَ إِذا سَأَلتَ بَهَرتَهُ
وَتَرى الكَريمَ يراحُ كَالمُختالِ
وَإِذا عَدَلتَ بِهِ رِجالًا لَم تَجِد
فَيضَ الفُراتِ كَراشِحِ الأَوشالِ
وَإِذا تَبَوَّعَ لِلحَمالَةِ لَم يَكُن
عَنها بِمُنبَهِرٍ وَلا سَعّالِ
وَإِذا أَتى بابَ الأَميرِ لِحاجَةٍ
سَمَتِ العُيونُ إِلى أَغَرَّ طُوالِ
ضَخمٍ سُرادِقُهُ يُعارِضُ سَيبُهُ
نَفَحاتِ كُلِّ صَبا وَكُلِّ شَمالِ
وَإِذا المِؤونَ تُؤوكِلَت أَعناقُها
فَاحمِل هُناكَ عَلى فَتىً حَمّالِ
لَيسَت عَطِيَّتُهُ إِذا ما جِئتَهُ
نَزرًا وَلَيسَ سِجالُهُ كَسِجالِ
فَهُوَ الجَوادُ لِمَن تَعَرَّضَ سَيبَهُ
وَابنُ الجَوادِ وَحامِلُ الأَثقالِ
وَمُسَوِّمٍ خِرَقُ الحُتوفِ تَقودُهُ
لِلطَعنِ يَومَ كَريهَةٍ وَقِتالِ
أَقصَدتَ قائِدَها بِعامِلِ صَعدَةٍ
وَنَزَلتَ عِندَ تَواكُلِ الأَبطالِ
وَالخَيلُ عابِسَةٌ كَأَنَّ فُروجَها
وَنُحورَها يَنضَحنَ بِالجِريالِ
وَالقَومُ تَختَلِفُ الأَسِنَّةُ بَينَهُم
يَكبونَ بَينَ سَوافِلٍ وَعَوالِ
وَلَقَد تَرُدُّ الخَيلَ عَن أَهوائِها
وَتَلُفُّ حَدَّ رِجالِها بِرِجالِ
وَمُوَقَّعٍ أَثَرُ السِفارِ بِخَطمِهِ
مِن سودِ عَقَّةَ أَو بَني الجَوّالِ
يَمري الجَلاجِلَ مَنكِباهُ كَأَنَّهُ
قُرقورُ أَعجَمَ مِن تِجارِ أُوالِ
بَكَرَت عَلَيَّ بِهِ التِجارُ وَفَوقَهُ
أَحمالُ طَيِّبَةِ الرِياحِ حَلالِ
فَوَضَعتُ غَيرَ غَبيطِهِ أَثقالَهُ
بِسِباءِ لا حَصِرٍ وَلا وَغّالِ
وَلَقَد شَرِبتُ الخَمرَ في حانوتِها
وَشَرِبتُها بِأَريضَةٍ مِحلالِ
وَلَقَد رَهَنتُ يَدي المَنِيَّةَ مُعلِمًا
وَحَمَلتُ عِندَ تَواكُلِ الحُمّالِ
فَلَأَجعَلَنَّ بَني كُلَيبٍ شُهرَةً
بِعَوارِمٍ ذَهَبَت مَعَ القُفّالِ
كُلَّ المَكارِمِ قَد بَلَغتُ وَأَنتُمُ
زَمَعَ الكِلابِ مُعانِقو الأَطفالِ
وَكَأَنَّما نَسِيَت كُلَيبٌ عَيرَها
بَينَ الصَريحِ وَبَينَ ذي العُقّالِ
يَمشونَ حَولَ مُخَدَّمٍ قَد سَحَّجَت
مَتَنَيهِ عَدلُ حَناتِمٍ وَسِخالِ
وَإِذا أَتَيتَ بَني كُلَيبٍ لَم تَجِد
عَدَدًا يُهابُ وَلا كَبيرَ نَوالِ
العادِلينَ بِدارِمٍ يَربوعَهُم
جَدعًا جَريرُ لِأَلأَمِ الأَعدالِ
وَإِذ وَرَدتَ جَريرُ فَاحبِس صاغِرًا
إِنَّ البُكورَ لِحاجِبٍ وَعِقالِ
0 تعليقات