حَيِّ المَنازِلَ بَينَ السَفحِ وَالرُحَبِ
لَم يَبقَ غَيرُ وُشومِ النارِ وَالحَطَبِ
وَعُقَّرٍ خالِداتٍ حَولَ قُبَّتِها
وَطامِسٍ حَبَشِيِّ اللَونِ ذي طَبَبِ
وَغَيرُ نُؤيٍ قَديمِ الأَثرِ ذي ثُلَمٍ
وَمُستَكينٍ أَميمِ الرَأسِ مُستَلَبِ
تَعتادُهُ كُلُّ مِئلاةٍ وَما فَقَدَت
عَرفاءَ مِن مورِها مَجنونَةِ الأَدَبِ
وَمُظلِمٍ تُعلِنُ الشَكوى حَوامِلُهُ
مُستَفرِغٍ لِسِجالِ العَينِ مُنشَطِبِ
دانٍ أَبَسَّت بِهِ ريحٌ يَمانِيَةٌ
حَتّى تَبَجَّسَ مِن حَيرانَ مُنثَعِبِ
تَجَفُّلَ الخَيلِ مِن ذي شارَةٍ تَئِقٍ
مُشَهَّرِ الوَجهِ وَالأَقرابِ ذي جَبَبِ
يَعُلُّها بِالبِلى إِلحاحُ كَرِّهِما
بَعدَ الأَنيسِ وَمَرُّ الدَهرِ ذي الحِقَبِ
فَهيَ كَسَحقِ اليَماني بَعدَ جِدَّتِهِ
أَو دارِسِ الوَحيِ مِن مَرفوضَةِ الكُتُبِ
وَقَد عَهِدتُ بِها بيضًا مُنَعَّمَةً
لا يَرتَدينَ عَلى عَيبٍ وَلا وَصَبِ
يَمشينَ مَشيَ الهِجانِ الأُدمِ يوعِثُها
أَعرافُ دَكداكَةٍ مُنهالَةِ الكُثُبِ
مِن كُلِّ بَيضاءَ مِكسالٍ بَرَهرَهَةٍ
زانَت مَعاطِلَها بِالدُرِّ وَالذَهَبِ
حَوراءُ عَجزاءُ لَم تُقذَف بِفاحِشَةٍ
هَيفاءُ رُعبوبَةٌ مَمكورَةُ القَصَبِ
يَسقي الضَجيعَ لَدَيها بَعدَ رَقدَتِها
مِنها اِرتِشافُ رُضابِ الغَربِ ذي الحَبَبِ
يَنفي أَعادِيَها عَن حُرِّ مَجلِسِها
عَمروُ بنُ غَنمٍ بِزارِ العِزِّ ذي الأَشَبِ
تَرمي مَقاتِلِ فُرّاغٍ فَتُقصِدُهُم
وَما تُصابُ وَقَد يَرمونَ مِن كَثَبِ
فَالقَلبُ عانٍ وَإِن لامَت عَواذِلُهُ
في حَبلِهِنَّ أَسيرٌ مُسمِحُ الجَنَبِ
هَل يُسلِيَنَّكَ عَمّا لا يَفينَ بِهِ
شَحطٌ بِهِنَّ لِبَينِ النِيَّةِ الغَرَبِ
وَقَد حَلَفتُ يَمينًا غَيرَ كاذِبَةٍ
بِاللَهِ رَبِّ سُتورِ البَيتِ ذي الحُجُبِ
وَكُلِّ موفٍ بِنَذرٍ كانَ يَحمِلُهُ
مُضَرَّجٍ بِدِماءِ البُدنِ مُختَضِبِ
إِنَّ الوَليدَ أَمينَ اللَهِ أَنقَذَني
وَكانَ حِصنًا إِلى مَنجاتِهِ هَرَبي
أَتَيتُهُ وَهُمومي غَيرُ نائِمَةٍ
أَخا الحِذارِ طَريدَ القَتلِ وَالحَرَبِ
فَآمَنَ النَفسَ ما تَخشى وَمَوَّلَها
قَذمَ المَواهِبِ مِن أَنوائِهِ الرُغُبِ
وَثَبَّتَ الوَطءَ مِنّي عِندَ مُضلِعَةٍ
حَتّى تَخَطَّيتُها مُستَرخِيَ اللَبَبِ
خَليفَةُ اللَهِ يُستَسقى بِسُنَّتِهِ
أَلغَيثُ مِن عِندِ مَولى العِلمِ مُنتَجِبِ
إِلَيكَ تَقتاسُ هَمّي العيسُ مُسنَفَةً
حَتّى تَعَيَّنَتِ الأَخفافُ بِالنَقَبِ
مِن كُلِّ صَهباءَ مِعجالٍ مُجَمهَرَةٍ
بَعيدَةِ الضَفرِ مِن مَعطوفَةِ الحَقَبِ
كَبداءَ دَفقاءَ مِحيالٍ مُجَمَّرَةٍ
مِثلِ الفَنيقِ عَلاةٍ رَسلَةِ الخَبَبِ
كَأَنَّما يَعتَريها كُلَّما وَخَدَت
هِرٌّ جَنيبٌ بِهِ مَسٌّ مِنَ الكَلَبِ
وَكُلِّ أَعيَسَ نَعّابٍ إِذا قَلِقَت
مِنهُ النُسوعُ لِأَعلى السَيرِ مُغتَصِبِ
كَأَنَّ أَقتادَهُ مِن بَعدِ ما كَلَمَت
عَلى أَصَكَّ خَفيفِ العَقلِ مُنتَخَبِ
صُعرُ الخُدودِ وَقَد باشَرنَ هاجِرَةً
لِكَوكَبٍ مِن نُجومِ القَيظِ مُلتَهِبِ
حامي الوَديقَةِ تُغضي الريحُ خَشيَتَهُ
يَكادُ يُذكي شَرارَ النارِ في العُطَبِ
حَتّى يَظَلَّ لَهُ مِنهُنَّ واعِيَةٌ
مُستَوهِلٌ عامِلُ التَقزيعِ وَالصَخَبِ
إِذا تَكَبَّدنَ مِمحالًا مُسَربَلَةً
مِن مُسجَهِرٍّ كَذوبِ اللَونِ مُضطَرِبِ
يَأرِزنَ مِن حِسِّ مِضرابٍ لَهُ ذَأَبٌ
مُشَمِّرٍ عَن عَمودِ الساقِ مُرتَقَبِ
يَخشَينَهُ كُلَّما اِرتَجَّت هَماهِمُهُ
حَتّى تَجَشَّمَ رَبوًا مُحمِشَ التَعَبِ
إِذا حُبِسنَ لِتَغميرٍ عَلى عَجَلٍ
في جَمِّ أَخضَرَ طامٍ نازِحِ القَرَبِ
يَعتَفنَهُ عِندَ تينانٍ بِدِمنَتِهِ
بادي العُواءِ ضَئيلِ الشَخصِ مُكتَسِبِ
طاوٍ كَأَنَّ دُخانَ الرِمثِ خالَطَهُ
بادي السَغابِ طَويلِ الفَقرِ مُكتَئِبِ
يَمنِحنَهُ شَزرَ إِنكارٍ بِمَعرِفَةٍ
لَواغِبَ الطَرفِ قَد حَلَّقنَ كَالقُلُبِ
وَهُنَّ عِندَ اِغتِرارِ القَومِ ثَورَتَها
يَرهَقنَ مُجتَمَعَ الأَذقانِ بِالرُكَبِ
مِنهُنَّ ثُمَّتَ يَزفي قَذفُ أَرجُلِها
إِهذابَ أَيدٍ بِها يَفرينَ كَالعَذَبِ
كَلَمعِ أَيدي مَثاكيلٍ مُسَلِّبَةٍ
يَنعَينَ فِتيانَ ضَرسِ الدَهرِ وَالخُطُبِ
لَم يُبقِ سَيري إِلَيهِم مِن ذَخائِرِها
غَيرَ الصَميمِ مِنَ الأَلواحِ وَالعَصَبِ
حَتّى تَناهى إِلى القَومِ الَّذينَ لَهُم
عِزُّ المُلوكِ وَأَعلى سورَةِ الحَسَبِ
بيضٌ مَصاليتُ لَم يُعدَل بِهِم أَحَدٌ
في كُلِّ مُعظَمَةٍ مِن سادَةِ العَرَبِ
الأَكثَرينَ حَصىً وَالأَطيَبينَ ثَرىً
وَالأَحمَدينَ قِرىً في شِدَّةِ اللِزَبِ
ما إِن كَأَحلامِهِم حِلمٍ إِذا قَدَروا
وَلا كَبَطشِهِمِ بَطشٌ لَدى الغَضَبِ
وَهُم ذُرا عَبدِ شَمسٍ في أُرومَتِها
وَهُم صَميمُهُمُ لَيسوا مِنَ الشَذَبِ
وَكانَ ذَلِكَ مَقسومًا لِأَوَّلِهِم
وِراثَةً وَرِثوها عَن أَبٍ فَأَبِ
0 تعليقات