هدير الصمت لـ محمود درويش

أُصغي إلى الصمت. هل ثمة صمت؟ لو
نسينا اسمه، وأَرهفنا السمع إلى ما
فيه، لسمعنا أَصوات الأرواح الهائمة
في الفضاء، والصرخات التي اهتدت إلى
الكهوف الأولى. الصمت صوت تبخّر واختبأ
في الريح، وتكسّر أَصداء محفوظةً في
جِرارٍ كونيّة. لو أرهفنا السمع لسمعنا
صوتَ ارتطام التفاحة بحجر في بستان الله،
وصرخةَ هابيل الخائفةَ من دمه الأول،
وأَنينَ الشهوة الأصلي بين ذكر وأُنثى
لا يعرفان ما يفعلان، ولسمعنا تأملاتٍ
يونس في بطن الحوت، والمفاوضاتٍ السرية
بين الآلهة القدامى. ولو أرهفنا السمع
إلى ما وراء حجاب الصمت، لاستمعنا إلى
أحاديث الليل بين الأنبياء وزوجاتهم،
وإلى إيقاعات الشعر الأولى، وإلى
شكوى الأباطرة من الضجر، وإلى حوافر
خيل في حرب مجهولة الزمان والمكان، وإلى
الموسيقى المصاحبة لطقس الدعارة المقدس،
وإلى بكاء جلجامش على صاحبه أَنكيدو،
وإلى حيرة القرد حين قفز من الشجرة
إلى عرش القبيلة، وإلى الشتائم المتبادلة
بين سارة وهاجر. لو أَرهفنا السمع
إلى صوت الصمت... لصار كلامنا أَقل!

إرسال تعليق

0 تعليقات