عدو مشترك لـ محمود درويش

تمضي الحرب إلى جهة القيلولة. ويمضي
المحاربون إلى صديقاتهم متعبين وخائفين على
كلامهم من سوء التفسير: انتصرنا لأننا
لم نمت. وانتصر الأعداء لأنهم لم يموتوا.
أمَّا الهزيمة فإنها لفظة يتيمة. لكنَّ المحارب
الفرد ليس جنديًا بحضرة من يُحبُّ: لولا
عيناك المُصَوَّبتان إلى قلبي لاخترقتْ رصاصةٌ
قلبي! أو: لولا حرصي على ألاّ أُقْتَلَ
لما قتلتُ أحدًا! أو: خفت عليك من
موتي، فنجوت لأطمئنك عليَّ. أو: البطولة
كلمة لا نستخدمها إلاّ على المقابر. أو:
في المعركة لم أفكِّر بالنصر، بل فكرت بالسلامة
وبالنمش على ظهرك. أو: ما أَضيق الفرق
بين السلامة والسلام وغرفة نومك. أو:
حين عطشتُ طلبتُ الماء من عدوي ولم
يسمعني، فنطقت باسمك وارتويت...
ألمحاربون من الجانبين يقولون كلامًا متشابهًا
بحضرة من يُحِبُّون. أمَّا القتلى من الجانبين،
فلا يدركون إلّا متأخرين، أن لهم عدوًا
مشتركًا هو: الموت. فما معنى
ذلك، ما معنى ذلك؟

إرسال تعليق

0 تعليقات