حمام لـ محمود درويش

رفٌّ من الحمام ينقشع فجأة من خلل الدخان.
يلمع كبارقة سِلْمٍ سماوية. يحلِّق بين الرماديّ
وفُتات الأزرق على مدينة من ركام. ويذكِّرنا
بأن الجمال ما زال موجودًا، وبأن اللا موجود
لا يعبث بنا تمامًا إذ يَعِدُنا، أو نظنُّ أنه
يعدنا بتجلِّي اختلافه عن العدم. في الحرب
لا يشعر أَحد منا بأنه مات إذا أَحسَّ
بالألم. الموت يسبق الألم. والألم هو
النعمة الوحيدة في الحرب. ينتقل من حيّ إلي
حيّ مع وقف التنفيذ. وإذا حالف الحظّ أحدًا
نسيَ مشاريعه البعيدة، وانتظر اللا موجود
وقد وُجِدَ مُحَلِّقًا في رفِّ حمام. أرى في سماء
لبنان كثيرًا من الحمام العابث بدخان يتصاعد
من جهة العدم!

إرسال تعليق

0 تعليقات