روَتْ عن تَراقيها العُقودُ عن النّحْرِ
محاسِنَ تَرويها النُجومُ عن الفَجْرِ
وحدّثَنا عن خالِها مسكُ صُدغِها
حديثًا رواهُ الليلُ عن كُلفةِ البَدْرِ
وركّب منها الثّغرُ أفرادَ جُملةٍ
حكاها فمُ الإبريقِ عن حَبَبِ الخَمْرِ
بصحّة جِسمي سُقْمُ ألفاظِها التي
روى المِسكُ عن إسنادها خبرَ النّشْرِ
وبالخدِّ وردٌ نارُ موسى بصحنِه
وميمُ فمٍ من عينه جُرعةُ الخُضْرِ
عَذيريَ من عذراءَ قبل تمائمي
خلعْتُ على العُذّالِ في حبّها عُذري
ولي مدمَعٌ في حبّها لو بكى الحَيا
به نبتَ الياقوتُ في صدَفِ الدُرِّ
بروحيَ منها جؤذرًا في غلائلٍ
وجيدَ مَهاةٍ قد تلفّع بالجمْرِ
لقد غصبَتْ منها القُرون لَياليًا
من الدهرِ لولا طُولُها قلتُ من عُمري
أمَا وسُيوفٍ للحُتوف بجَفْنِها
تجرَّدُ عن غِمدٍ وتُغمدُ في سحْرِ
وهُدبٍ تسقّى نبلُه سُمَّ كُحلِها
فذبّ بشوكِ النّحلِ عن شَهْدةِ الثّغرِ
وصمتَةِ قلبٍ غصّ منها بمعصَمٍ
ووَسواسُهُ الخنّاسُ ينفثُ في صدري
لَفي القلب منّي لوعةٌ لو تُجِنّها
حَشا المُزنِ أمسى قَطرُها شَرَر الجَمرِ
ممنّعةٌ غير الكرى لا يزورُها
وتُحجَبُ عن طَيْفِ الخيال إذا يسْري
وطوقِ نُضارٍ يستَسرُّ هِلالُه
مع الفَجرِ تحت الشمسِ في غَسَقِ الشّعْرِ
إذا مرّ في الأوهام معنى وِصالِها
رأيتُ جِيادَ الموتِ تعثُر بالفِكْرِ
رَفيعةُ بيتٍ هالةُ البدرِ نورُه
وقَوسُ مُحيطِ الشمسِ دائرةُ السِتْرِ
يُرى في الدُجى نهرُ المَجرّة تحتَه
على درِّ حَصباءِ النُجومِ به تجري
فأطنابُه للفرقَدَين حَمائلٌ
وأستارُه في الحِنج أجنحةُ النّسْرِ
وليلٍ نُجومُ القَذفِ فيه كأنّها
تَصولُ علينا بالمهنّدةِ البُتْرِ
رَكِبْتُ به مَوجَ المَطايا وخُضْتُ في
بِحارِ المَنايا طالِبًا دُرّةَ الخِدرِ
فعانَقْتُ منها جُؤذرَ القَفرِ آمِنًا
وصافحْتُ منها بالخِبا دُميةَ القَصْرِ
فلمّا دَنا منّا الوداعُ وضمّنا
قميصُ عِناقٍ بزّنا ملبسَ الصّبْرِ
بكَتْ فضّةً من نرجِسٍ مُتناعِسٍ
وأجرَيْتُ تِبرًا من عقيقٍ أخي سَهْرِ
فأمسَتْ عُيونُ البَدرِ في شفَق الضُحى
تسيلُ وعينُ الشمسِ بالأنجُم الزُهْرِ
وقُمْتُ وزَنْد الليثِ منّي مطوّقٌ
لها ويَمينُ الظّبي قد وشّحَتْ خَصري
فكادَتْ لِما بي أن تُذيبَ سِوارَها
ضُلوعي وإن كانت حَشاهُ من الصّخْرِ
وكاد فَريدُ العِقدِ منها لِما بها
يَذوبُ ويجري كالدّموعِ ولا تَدْري
سَقى اللَّهُ أكْنافَ العقيقِ بَوارِقًا
تُقطّعُ زَندَ الليلِ في قُضُبِ التّبرِ
ولا زال محمَرُّ الشّقائقِ موقَدًا
به شُعَلُ الياقوتِ في قُضُب الشّذْرِ
حِمىً تتحامى الأُسْدُ آرامَ سِرْبِه
وتَصْرَعُهُم من عَينه أعيُنُ العُفْرِ
تُحيطُ الظُّبا أقمارَه في أهلّةٍ
وتَحمي نُجومَ البيضِ في أنجُمِ السُّمْرِ
ألا حَبّذا عصْرًا مضى ولَياليًا
عرائسُ أُنسٍ يبتَسِمْنَ عن البِشْرِ
وأيّامُنا غُرٌّ كأنّ حُجولَها
أيادي عليٍّ في رِقابِ بَني الدّهْرِ
أيادٍ عن التّشبيهِ جلّتْ وإنّما
عبَثْنَ بعَقلي ساحِراتٍ رُقى السِّحْرِ
بَوادٍ يُزانُ المجدُ منها بأنجُمٍ
هَوادٍ لمن يَسري إلى موضِع اليُسْرِ
مَواضٍ لمُرّانِ المَعالي أسنّةٌ
وقُضْبٌ بها العافونَ تَسطو على الفَقْرِ
نبَتْنَ بكفّيْهِ نَباتَ بَنانِه
فدلّت قُطوفَ الجُودِ في ثمَرِ الشُّكْرِ
هو العَدَدُ الفرْدُ الّذي يجمَعُ الثّنا
وتصدُرُ عنهُ قِسمةُ الجَبْرِ والكَسْرِ
صنائِعُه عِقدٌ على عاتِقِ العُلا
ومَعروفُهُ تاجٌ على هامةِ الفَخرِ
ربيعٌ إذا ما زُرْتَهُ زُرْتَ روضةً
يفتّحُ فيها رُشدُه حدَقَ الزّهْرِ
تَهيمُ به عِشقًا لخُلقٍ كأنّه
يهُبُّ علينا في نَسيمِ الهوى العُذْري
أيا وارِدي لُجَّ البِحار اِكْتَفوا به
فسَبْعَتُها في طيِّ أُنمُلِهِ العَشْرِ
إذا يَدُه البيضاءُ أخرَجَها النّدى
فيا وَيلَ أمّ البيضِ والورقِ الصُّفْرِ
أخُو هِمَمٍ يستغرِقُ الدِّرعُ جِسمَه
ومن عجَبٍ أن يغرَقَ البحرُ بالكَرِّ
تكادُ الرّماح السّمرُ وهي ذَوابلٌ
براحتِهِ تهتزّ بالوَرَقِ الخُضرِ
فكم من بُيوتٍ قد رماها بخَطبِه
فأضْحَتْ ومنها النّظمُ كالخُطَبِ النّثرِ
فلِلّه يومُ الكَرخِ موقِفُه ضُحىً
وقد سالتِ الأعرابُ بالجحفَل المَجْرِ
أتَوهُ يمدّون الرِقابَ تطاوُلًا
فأضحوا ومنهم ذلك المدُّ للجَزرِ
رَمَوْهُ بحربٍ كلّما قام ساقُها
ركضْنَ المَنايا في القلوبِ من الذُعرِ
يبيعُ الرّدى في سوقِها صفقةَ المُنى
بنَقدِ النُفوسِ الغالِيات لمَن يَشْري
سَطَوْا وسَطا كاللّيثِ يَقدُمُ فِتيةً
يَرَونَ عَوانَ الحربِ في صورِة البِكرِ
وفُرسانَ موتٍ يُقدِمون إلى الوغى
إذا جمحَتْ أُسْدُ النِزالِ عن الكَرِّ
وخَيلًا لها سُوقُ النّعامِ كأنّها
تطيرُ إذا هبّتْ بأجنِحةِ الكُدْري
فزوّجَ ذُكرانَ الظُبى في نُفوسِهمْ
وأنقدَهُم ضَربَ الحديدِ عن المَهْرِ
وأضحتْ وُحوشُ البرِّ ممّا أراقَهُ
من الدّمِ كالحيتان في لجّة البَحرِ
بَنى بِيَعًا من هامِهم وصَوامِعًا
تبوّأ منها مسجِدًا راهِبُ النَّسْرِ
لَقوهُ كأمثال البُزاةِ جَوارِحًا
وولّوْا كما تمضي البُزاةُ عن الصّقْرِ
فمنْ واقعٍ في الأرض في شبَكِ الرّدى
ومن طائرٍ عنه بأجنحةِ الغُرِّ
وأنّى لهمُ جُندٌ تُلاقي جُنودَه
وأين رِماحُ الخَطِّ من خشَبِ السِّدْرِ
بغَوْا فبغَوْهُ بالّذي لو تعمّدَتْ
له الشُهْبُ لاقَتْ دونَه حادِثَ الكَسْرِ
وبانت عن الكفّ الخضيبِ بنانُه
وضاقَ به ذَرْعُ الذِراعِ عن الشّبْرِ
فراعِنُه همّتْ به فتلقّفَتْ
عَصا عزمِه ما يأفكون من المكْرِ
بهمْ مرضٌ من بُغضِه في قُلوبِهم
وسيفِ عليٍّ ذي الفقارِ الّذي يَبري
فيا ابْنَ رسولِ اللّهِ والسيّدَ الّذي
حَوى سُؤدُدًا يَسمو به شرفُ العَصْرِ
أرادتْ بك الأسْباطُ كَيْدًا فكِدْتَهُم
وأكرَمَ مثواكَ العزيزُ من النّصرِ
ترجّوْا لديهم لو تَبورُ بِضاعةٌ
فقادَهُمُ راعي البَوارِ إلى الخُسْرِ
لِيَهْنِكَ نصرٌ عزُّهُ يخذُلُ العِدا
وفتحٌ يحلُّ المُغلَقاتِ من الأمرِ
وحسبُك فخرًا كفُّكَ الموتَ عنهمُ
وحسبهُمُ ذاك الخُضوعُ من الأسْرِ
ألا فاِعْفُ عنهم إنّهم لَعبيدُكُمْ
وإنّ سَجايا العَفْوِ من شِيَمِ الحُرِّ
0 تعليقات