عَرَفَ الدِيارَ تَوَهُّمًا فَاِعتادَها
مِن بَعدِ ما شَمِلَ البِلى أَبلادَها
إِلّا رَواسِيَ كُلُّهُنَّ قَد اِصطَلى
حَمراءَ أَشعَلَ أَهلُها إيقادَها
كانَت رَواحِلَ لِلقُدورِ فَعُرِّيَت
مِنهُنَّ وَاِستَلَبَ الزَمانُ رَمادَها
بِشُبَيكَةِ الحَوَرِ الَّتي غَربِيُّها
فَقَدَت رَسومُ حِياضِهِ وَرّادَها
وَتَنَكَّرَت كُلَّ التَنَكُّرِ بَعدَنا
وَالأَرضُ تَعرِفُ تَلعَها وَجَمادَها
وَلَرُبَّ واضِحَةِ الجَبينِ خَريدَةٍ
بَيضاءَ قَد ضَرَبَت بِها أَوتادَها
تَصطادُ بِهجَتُها المُعَلَّلَ بِالصِبا
عَرَضًا فَتُقصِدُهُ وَلَن يَصطادَها
كَالظَبيَةِ البِكرِ الفَريدَةِ تَرتَعي
مِن أَرضِها قَفَراتِها وِعِهادَها
خَضَبَت لَها عُقَدُ البِراقِ جَبينَها
مِن عَركِها عَلَجانَها وَعَرادَها
كَالزينِ في وَجهِ العَروسِ تَبَذَّلَت
بَعدَ الحَياءِ فَلا عَبَت أَرآدَها
تَزجي أَغَنَّ كَأَنَّ إِبرَةَ رَوقِهِ
قَلَمٌ أَصابَ مِنَ الدَواةِ مَدادَها
رَكِبَت بِهِ مِن عالِجٍ مُتَحَيِّرًا
قَفرًا تُرَيّبُ وَحشُهُ أَولادَها
بِمَجَرِّ مُرتَجِزِ الرَواعِدِ بَعَّجَت
غُرُّ السَحابِ بِهِ الثِقالُ مَزادَها
فَتَرى مَحانيهِ الَّتي تَسِقُ الثَرى
وَالهُبرَ يونِقُ نَبتُها رُوّادَها
بانَت سُعادُ وَأَخلَفَت ميعادَها
وَتَباعَدَت مِنّا لِتَمنَعَ زادَها
إِنّي إِذا ما لَم تَصلِني خُلَّتي
وَتَباعَدَت عَنّي اِغتَفَرتُ بِعادَها
وَإِذا القَرينَةُ لَم تَزَل في نَجدَةٍ
مِن ضَغنِها سَئِمَ القَرينُ قِيادَها
إِمّا تَرَي شَيبًا تَفَشَّغُ لِمَّتي
حَتّى عَلى وَضَحٌ يَلوحُ سَوادَها
فَلَقَد تَبيتُ يَدُ الفَتاةِ وِسادَةً
لي جاعِلًا يُسرى يَدَيَّ وِسادَها
وَأَصحابُ الجَيشِ العَرَمرَم فارِسًا
في الخَيلِ أَشهَدُ كَرَّها وَطِرادَها
وَقَصيدَةٍ قَد بِتُّ أَجمَعُ بَينَها
حَتّى أُقَوِّمَ مَيلَها وَسِنادَها
نَظَرَ المُثَقِّفِ في كُقوبِ قَناتِهِ
حَتّى يُقيمَ ثِقافُهُ مُنآدَها
وَلَقَد أَصَبتُ مِنَ المَعيشَةِ لَذَّةً
وَلَقيتُ مِن شَظَفِ الخُطوبِ شِدادَها
فَسَتَرتُ عَيبَ مَعيشَتي بِتَكَرُّمٍ
وَأَتَيتُ في سَعَةِ النَعيمِ سَدادَها
وَبَقيتُ حَتّى ما أُسائَلُ عالِمًا
عَن عِلم واحِدَةٍ لِكَي أَزدادَها
صَلّى الإِلَهُ عَلى اِمرِئٍ وَدَّعتُهُ
وَأَتَمَّ نِعمَتَهُ عَلَيهِ وَزادَها
وَإِذا الرَبيعُ تَتابَعَت أَنواؤُهُ
فَسَقى خُناصِرَةَ الأَحَصِّ فَجادَها
نَزَلَ الوَليدُ بِها فَكانَ لِأَهلِها
غَيثًا أَغاثَ أَنيسَها وَبِلادَها
أَوَلا تَسري أَنَّ البَرِيَّةَ كُلَّها
أَلقَت خَزائِمَها إِلَيهِ فَقادَها
وَلَقَد أَرادَ اللَهُ إِذ وَلاكَها
مِن أَمَّةٍ إِصلاحَها وَرَشادَها
وَعَمَّرتَ أَرضَ المُسلمينَ فَأَقبَلَت
وَنُفيتَ عَنها مَن يُريدُ فَسادَها
وَأَصَبتَ في أَرضِ العَدُوِّ مُصيبَةً
بَلَغَت أَقاصي غورِها وِنِجادَها
نَصرًا وَظَفرًا ما تَناوَلَ مِثلَهُ
أَحَدٌ مِنَ الحُلَفاءِ كانَ أَرادَها
وَإِذا نَشَرتَ لَهُ الثَناءَ وَجَدتَهُ
جَمَعَ المَكارِمَ طُرفَها وَتِلادَها
غَلَبَ المَساميحَ الوَليدُ سَماحَةً
وَكَفى قُرَيشًا ما يَنوبُ وَسادَها
تَأَتيهِ أَسلابُ الأَعِزَّةِ عَنوَةً
قَسرًا وَيَجمَعُ لِلحُروبِ عَتادَها
وَإِذا رَأى نارَ العَدُمِّ تَضَرَّمَت
سامي جَماعَةَ أَهلِها فَاِكتادَها
بِعَرَمرَمٍ يَئِدُ الرَوابي ذي وَغيٍ
كَالحَرَّةِ اِحتَمَلَ الضُحى أَطوادَها
أَطفَأَت نيرانَ العَدُوِّ وَأوقِدَت
نارٌ قَدَحتَ بِراحَتَيكَ زِنادَها
فَبَدَت بَصيرَتُها لِمَن تَبَعَ الهُدى
وَأَصابَ حَرُّ شَرارِها حُسّدَها
وَإِذا غَدا يَومًا بِنَفخَةِ نائِلٍ
عَرَضَت لَهُ الغَدَ مِثلُها فَأَعادَها
وَإِذا جَرَت خَيلٌ تُبادِرُ غايَةً
فَالسابِقُ الجائي يَقودُ جِيادَها
0 تعليقات