سَجَدُوا لِكِسْرَى إِذْ بَدَا إِجْلاَلاَ
كَسُجُودِهِمْ لِلشَّمْسِ إِذْ تَتَلاَلاَ
يَا أُمَّةَ الْفُرْسِ الْعَرِيقَةَ فِي الْعُلَى
مَاذَا أَحَالَ بِكِ الأسُوُدَ سِخَالاَ
كنْتُمْ كِبَارًا فِي الْحُرُوبِ أَعِزَّةً
وَالْيوْمَ بِتُّمْ صَاغِرِينَ ضِئَالاَ
عُبَّاد كِسْرَى مانِحِيهِ نُفُوسَكُمْ
وَرِقَابَكُمْ وَالعِرْضَ وَالأَمْوَالاَ
تَسْتَقْبِلُونَ نِعَالَهُ بِوُجَوهِكُمْ
وَتُعَفِّرُونَ أَذِلَّةً أَوْكَالاَ
أَلتِّبْرُ كِسْرَى وَحْدَهَ فِي فَارِسٍ
وَيَعُدُّ أُمَّةَ فَارِسٍ أَرْذَالاَ
شَرُّ الْعِيَالِ عَلَيْهِمُ وَأَعَقُّهُمْ
لَهُمُ وَيَزَعُمُهمْ عَلَيْهِ عِيَالاَ
إِنْ يُؤْتِهِمْ فَضلًا يَمُنَّ وِإِنْ يَرُمْ
ثَأَرًا يُبِدْهُمْ بِالْعَدُوِّ قِتَالاَ
وَإِذَا قَضَى يَوْمًا قَضَاءً عَادِلا
ضَرَبَ الأَنَامُ بِعَدْلِهِ الأَمْثَالاَ
يَا يَوْمَ قَتْل بُزَرْجُمَهْرَ وَقَدْ أَتَوْا
فِيهِ يُلَبُّونَ النِّدَاءَ عِجَالاَ
مُتَأَلِّبِينَ لِيَشْهَدُوا مَوْتَ الَّذِي
أَحْيَا البِلاَدَ عَدَالَةُ وَنَوَالاَ
يُبْدُونَ بِشْرًا وَالنَّفوسُ كَظِيمَةٌ
يُجْفِلْنَ بَيْنَ ضُلُوعِهِمْ إِجْفَالاَ
تَجْلُو أَسِرَّتَهُمْ بُرُوقُ مَسَرَّةٍ
وَقُلُوبُهُمْ تَدْمَى بِهِنَّ نِصَالاَ
وَإِذَا سَمِعْتَ صِيَاحَهُمْ وَدَوِيَّهُمْ
لَمْ تَدْرِهِ فَرَحًا وَلاَ إِعْوَالاَ
وَيَلُوحُ كِسْرَى مُشْرِفًا مِنْ قَصْرِهِ
شَمْسًا تُضِيءُ مَهَابَةً وَجَلاَلا
شَبَحًا لأُرْمُوزَ العَظِيمِ مُمَثِّلًا
مَلِكًا يَضُمُّ رِدَاؤُهُ رِئْبَالاَ
يزْهُو بِهِ العَرْشُ الرَّفِيعُ كَأَنَّهُ
بِسَنَى التَّكَبُّرُ فِي ذُرَاهُ مِثَالاَ
وَكَأَنَّ شُرْفَتَهُ مَقَامُ عِبَادَةٍ
نُصِبَ التَّكَبُّرُ فِي ذُرَاهُ مِثَالاَ
وَكَأَنَّ لُؤْلُؤَةً بِقَائِمِ سَيْفِهِ
عَيْنٌ تَعُدُّ عَلَيْهِمُ الآجَالاَ
مَا كَانَ كِسْرَى إِذْ طَغَى فِي قَوْمِهِ
إِلاَّ لِمَا خَلُقُوا بِهِ فَعَّالاَ
هُمْ حَكَّمُوهُ فَاسْتَبَدَّ تَحَكُّمًا
وَهُمُ أَرَادُوا أَنْ يَصُولَ فَصَالاَ
وَالجَهْلُ دَاءٌ قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
فِي الْعالَمِينَ وَلاَ يَزَالُ عُضَالاَ
لوْلاَ الجَهَالَةُ لَمْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ
إِلاَّ خَلاَئِقَ إِخْوَةٍ أَمْثَالاَ
لَكِنَّ خَفْضَ الأَكْثَرِينَ جَنَاَحَهُمْ
رَفَعَ المُلُوكَ وَسَوَّدَ الأَبْطَالاَ
وَإِذَا رَأَيْتَ المَوْجَ يَسْفُلُ بَعْضُهُ
أَلْفَيْتَ تَالِيَهُ طَغَى وَتَعَالَى
نَقْصٌ لِفِطْرَةِ كُلِّ حَيٍ لاَزِمٌ
لاَ يَرْتَجِي مَعَهُ الْحَكِيمُ كَمَالاَ
وَإِذَا اسْتَوى كِسْرَى وَأَجْلَسَ دُونَهُ
قُوَّادَهُ الْبُسَلاَءَ وَالأَقْيَالاَ
صَعِدَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْجَمَاعَةِ صَيْحَةٌ
كَادَتْ تُزَلْزِلُ قَصْرَهُ زِلْزَالا
وَإِذَا الوَزِيرُ بُزَرْجُمُهْرُ يَسُوقُه
جَلاَّدهُ مُتَهَاديًا مُخْتالا
وَتَرُوحُ حَولَهُمَا الْجُمُوعُ وَتَغْتَدِي
كَالمَوْجِ وَهْوَ مُدَافَعٌ يَتَتَالَى
سَخِطَ المَلِيكُ عَلَيْهِ إِثْرَ نَصِيحَةٍ
فَاقْتَصَّ مِنْهُ غَوَايَةً وَضَلاَلاَ
أَبُزَرْجُمُهْرَ حَكِيمُ فَارِسَ وَالْوَرَى
يَطَأُ السُّجُونَ وَيَحْمِلُ الأَغْلاَلاَ
كِسْرَى أَتُبْقِي كُلَّ فَدْمٍ غَاشِمٍ
حَيًا وَتُرْدِي الْعَادِلَ المِفْضَالاَ
وَتَدُقُّ فِي مَرَأَى الرَّعِيَّةِ عُنْقهُ
لِيَمُوتَ مَوْتَ المُجْرِمِينَ مُذَالاَ
أَيْنَ التَّفَرُّدُ مِنْ مَشُورَةِ صَادِقٍ
وَالحُكْمُ عْدَلُ مَا يَكُونَ جِدَالاَ
إِنْ تَسْتَطِعْ فَاشْرَبْ مِنَ الدَّمِ خَمْرَةً
وَاجْعَل جَمَاجِمَ عَابِدِيكَ نِعَالاَ
وَاذْبَحْ وَدَمَّرْ وَاسْتَبِحْ أَعْراضَهُمْ
وَامْلأَ بِلاَدَهُمُ أَسىً وَنَكَالاَ
فَلأَنْتَ كِسْرَى مَا تَرَى تَحْرِيمَهُ
كَانَ الحَرَامَ وَمَا تُحِلُّ حَلاَلاَ
وَلَيُذْكَرَنَّ الدَّهْرَ عَدْلُكَ بَاهِرًا
وَلْتُحْمَدَنَّ خِلاَئِقًا وَفِعَالاَ
لَوْ كانَ فِي تِلْكَ النِّعَاجِ مُقَاوِمٌ
لَك لَمْ تَجِيءْ مَا جِئْتَهُ اسْتِفْحَالاَ
لكِنْ أَرَادَتْ مَا تُرِيدُ مُطِيعَةً
وَتَناوَلَت مِنْكَ الأَذى إِفضَالا
نَادَاهُمُ الْجَلاَّدُ هَلْ مِنْ شَافِعٍ
لِبُزَرْجُمهْرَ فَقالَ كُلٌّ لاَ لاَ
وَأَدَارَ كِسْرَى فِي الجَمَاعَةِ طَرْفهُ
فرَأَى فَتَاةً كَالصَّبَاحِ جَمَالاَ
تَسْبِي مَحَاسِنُهَا الْقُلُوبِ وَتَنْثَنِي
عَنْهَا عُيُونُ النَّاظِرِينَ كَلاَلاَ
بِنْتُ الوَزِيرِ أَتتْ لِتشْهَدَ قَتْلهُ
وَتَرَى السَّفَاهَ مِنَ الرَّشَادِ مُدَالاَ
تَفْرِي الصُّفُوفَ خَفِيَّةً مَنْظُورَةً
فَرْيَ السَّفِينَةِ لِلحِبَابِ جِبَالًا
بَادٍ مُحَيَّاهَا فَأَيْنَ قِنَاعُهَا
وَعَلاَمَ شَاءَتْ أَنْ يَزُولَ فَزَالاَ
لاَ عَارَ عِنْدَهُمْ كَخَلْعِ نِسائِهِمْ
أَسْتَارَهُنَّ وَلَوْ فَعَلْنَ ثَكَالَى
فَأَشَارَ كِسْرَى أَن يُرَى فِي أَمْرِهَا
فَمَضَى الرَّسُولُ إِلى الفَتَاةِ وَقَالا
مَوْلاَي يَعْجَبُ كَيْفَ لَمْ تَتَقَنَّعِي
قَالَتْ لَهُ أَتَعَجُّبًا وَسُؤَالاَ
أُنْظُرْ وَقَدْ قُتِلْ الحَكِيمُ فَهَلُ تَرَى
إِلاَّ رُسُومًا حَوْلَهُ وَظِلاَلاَ
فَارْجِعْ إِلَى المَلِكِ الْعَظِيمِ وَقُلْ لَه
مَاتَ النَّصِيحُ وَعِشْتَ أَنْعَمَ بَالاَ
وَبِقيِتَ وَحْدَكَ بَعْدَهُ رَجُلًا فَسُدْ
وَارْعَ النِّسَاءَ وَدَبِّرِ الأَطْفَالاَ
مَا كَانِتِ الْحَسْنَاءُ تَرْفَعُ سِتْرَهَا
لَوْ أَنَّ فِي هَذِي الجُمُوعِ رجَالاَ
0 تعليقات