كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ
وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ
تَطاوَلَ حَتّى قُلتُ لَيسَ بِمُنقَضٍ
وَلَيسَ الَّذي يَرعى النُجومَ بِآئِبِ
وَصَدرٍ أَراحَ اللَيلُ عازِبُ هَمِّهِ
تَضاعَفَ فيهِ الحُزنُ مِن كُلِّ جانِبِ
عَلَيَّ لِعَمروٍ نِعمَةٌ بَعدَ نِعمَةٍ
لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ
حَلَفتُ يَمينًا غَيرَ ذي مَثنَوِيَّةٍ
وَلا عِلمَ إِلّا حُسنُ ظَنٍّ بِصاحِبِ
لَئِن كانَ لِلقَبرَينِ قَبرٍ بِجِلَّقٍ
وَقَبرٍ بِصَيداءَ الَّذي عِندَ حارِبِ
وَلِلحارِثِ الجَفنِيَّ سَيِّدِ قَومِهِ
لَيَلتَمِسَن بِالجَيشِ دارَ المُحارِبِ
وَثِقتُ لَهُ بِالنَصرِ إِذ قيلَ قَد غَزَت
كَتائِبُ مِن غَسّانَ غَيرُ أَشائِبِ
بَنو عَمِّهِ دُنيا وَعَمروُ بنُ عامِرٍ
أولَئِكَ قَومٌ بَأسُهُم غَيرُ كاذِبِ
إِذا ماغَزوا بِالجَيشِ حَلَّقَ فَوقَهُم
عَصائِبُ طَيرٍ تَهتَدي بِعَصائِبِ
يُصاحِبنَهُم حَتّى يُغِرنَ مُغارَهُم
مِنَ الضارِياتِ بِالدِماءِ الدَوارِبِ
تَراهُنَّ خَلفَ القَومِ خُزرًا عُيونُها
جُلوسَ الشُيوخِ في ثِيابِ المَرانِبِ
جَوانِحَ قَد أَيقَنَّ أَنَّ قَبيلَهُ
إِذا ما اِلتَقى الجَمعانِ أَوَّلُ غالِبِ
لَهُنَّ عَلَيهِم عادَةٌ قَد عَرَفنَها
إِذا عُرِّضَ الخَطِّيُّ فَوقَ الكَواثِبِ
عَلى عارِفاتٍ لِلطِعانِ عَوابِسٍ
بِهِنَّ كُلومٌ بَينَ دامٍ وَجالِبِ
إِذا اِستُنزِلوا عَنهُنَّ لِلطَعنِ أَرقَلوا
إِلى المَوتِ إِرقالَ الجِمالِ المَصاعِبِ
فَهُم يَتَساقَونَ المَنيَّةَ بَينَهُم
بِأَيديهِمُ بيضٌ رِقاقُ المَضارِبِ
يَطيرُ فُضاضًا بَينَها كُلُّ قَونَسٍ
وَيَتبَعَها مِنهُم فَراشُ الحَواجِبِ
وَلا عَيبَ فيهِم غَيرَ أَنَّ سُيوفَهُم
بِهِنَّ فُلولٌ مِن قِراعِ الكَتائِبِ
تُوُرَّثنَ مِن أَزمانِ يَومِ حَليمَةٍ
إِلى اليَومِ قَد جُرِّبنَ كُلَّ التَجارِبِ
تَقُدَّ السَلوقِيَّ المُضاعَفَ نَسجُهُ
وَتوقِدُ بِالصُفّاحِ نارَ الحُباحِبِ
بِضَربٍ يُزيلُ الهامَ عَن سَكِناتِهِ
وَطَعنٍ كَإيزاغِ المَخاضِ الضَوارِبِ
لَهُم شيمَةٌ لَم يُعطِها اللَهُ غَيرَهُم
مِنَ الجودِ وَالأَحلامُ غَيرُ عَوازِبِ
مَحَلَّتُهُم ذاتُ الإِلَهِ وَدينُهُم
قَويمٌ فَما يَرجونَ غَيرَ العَواقِبِ
رِقاقُ النِعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهُم
يُحَيّونَ بِالريحانِ يَومَ السَباسِبِ
تُحَيّهِمُ بَيضُ الوَلائِدِ بَينَهُم
وَأَكسِيَةُ الإِضريجِ فَوقَ المَشاجِبِ
يَصونونَ أَجسادًا قَديمًا نَعيمُها
بِخالِصَةِ الأَردانِ خُضرِ المَناكِبِ
وَلا يَحسَبونَ الخَيرَ لا شَرَّ بَعدَهُ
وَلا يَحسِبونَ الشَرَّ ضَربَةَ لازِبِ
حَبَوتُ بِها غَسّانَ إِذ كُنتُ لاحِقًا
بِقَومي وَإِذ أَعيَت عَلَيَّ مَذاهِبي
0 تعليقات