لوجهكَ هذا الكونُ، يا حسن، كلُّهُ
وجوهٌ يفيضُ البشرُ من قَسَمَاتِهَا
وتستعرضُ الدنيا غريبَ فنونِهَا
وتعرِبُ عن نجواك شتَّى لغاتِها
ولولاكَ ما جاشَ الدجى بهمومها
ولا افترَّ ثغرُ الصبحِ عن بسماتِها
ولا سَعِدَتْ بالوهمِ في عالمِ المُنَى
ولا شَقِيَتْ بالحبِّ بين لِدَاتِهَا
وَلَا حَبَتِ الْفَنَّانَ آيَاتِ فَنِّهِ
ولا رُزِقَ الإبداعَ من نفحاتِها
بَكَرْتَ إلى الروضِ النَّضِيرِ فزاحمتْ
إليكَ ورودُ الأرض نَوْرَ نباتِها
وألقتْ بأنداءِ الصباحِ شفاهُها
على قدميكَ العذبَ من قُبلاتِها
تَشهَّى خُطًى فيها الرَّدَى، وكأنها
تصيبُ حياةَ الخلد بعد مماتِهَا
ومِلْتَ إلى الأدواحِ فانطلقتْ بِهَا
صوادحُ طار الصمتُ عن وُكُنَاتِهَا
ومَدَّ شعاع الفجر رَيِّقَ نورِه
يحيِّيك، يا ابن الفجر، من شَعَفاتِها
فوا أسفًا يا حسنُ لِلحظة الَّتِي
تطيشُ لها الأحلامُ من وثباتِها
ووا أسفًا، يا حسنُ، للفرقةِ الَّتي
يعزُّ على الأوهامِ جمع شتاتِها
وما هيَ إلَّا الصمت والبرد والدُّجَى
ودنيا يَشِيعُ الموتُ في جنباتِهَا
فضاءٌ يروغُ الريحَ في نشيجُهَا
وتفرغُ فيه البومُ من صرخَاتِهَا
وتنتثر الأزهارُ من عذَبَاتِها
وتَعْرَى الغصونُ النُّضْرُ من ورقاتِها
ويغشى السماءَ الجهمُ من كل ديمةٍ
تخدَّدَ وجه الأرضِ من عبراتِها
هنالِكَ لا الوادي، ولا العالمُ الذي
عَرَفْتَ، ولا الأيامُ في ضحكاتِها
ولكنْ رَدَى النفس التي كنت حُبَّهَا
ونافثَ هذا السحر في كلماتها
مَضَتْ غير شعرٍ خلَّدَتْ فيه وحيها
إليكَ، فخذْ، يا حسنُ، وحيَ حياتِهَا!
0 تعليقات