فدى لك من يقصر عن مداكا لـ المتنبي

فِدًى لَكَ مَن يُقَصِّرُ عَن مَداكا
فَلا مَلِكٌ إِذَن إِلّا فَداكا

وَلَو قُلنا فِدًا لَكَ مَن يُساوي
دَعَونا بِالبَقاءِ لِمَن قَلاكا

وَآمَنّا فِداءَكَ كُلَّ نَفسٍ
وَإِن كانَت لِمَملَكَةٍ مِلاكا

وَمَن يَظَنُّ نَثرَ الحَبِّ جودًا
وَيَنصِبُ تَحتَ ما نَثَرَ الشِباكا

وَمَن بَلَغَ التُرابَ بِهِ كَراهُ
وَقَد بَلَغَت بِهِ الحالُ السُكاكا

فَلَو كانَت قُلوبُهُمُ صَديقًا
لَقَد كانَت خَلائِقُهُم عِداكا

لِأَنَّكَ مُبغِضٌ حَسَبًا نَحيفا
إِذا أَبصَرتَ دُنياهُ ضِناكا

أَروحُ وَقَد خَتَمتَ عَلى فُؤادي
بِحُبِّكَ أَن يَحِلَّ بِهِ سِواكا

وَقَد حَمَّلتَني شُكرًا طَويلًا
ثَقيلًا لا أُطيقُ بِهِ حَراكا

أُحاذِرُ أَن يَشُقَّ عَلى المَطايا
فَلا تَمشي بِنا إِلّا سِواكا

لَعَلَّ اللَهُ يَجعَلُهُ رَحيلًا
يُعينُ عَلى الإِقامَةِ في ذَراكا

وَلَو أَنّي اِستَطَعتُ خَفَضتُ طَرفي
فَلَم أُبصِر بِهِ حَتّى أَراكا

وَكَيفَ الصَبرُ عَنكَ وَقَد كَفاني
نَداكَ المُستَفيضُ وَما كَفاكا

أَتَترُكُني وَعَينُ الشَمسِ نَعلي
فَتَقطَعُ مِشيَتي فيها الشِراكا

أَرى أَسَفي وَما سِرنا شَديدًا
فَكَيفَ إِذا غَدا السَيرُ اِبتِراكا

وَهَذا الشَوقُ قَبلَ البَينِ سَيفٌ
فَها أَنا ما ضُرِبتُ وَقَد أَحاكا

إِذا التَوديعُ أَعرَضَ قالَ قَلبي
عَلَيكَ الصَمتُ لا صاحَبتَ فاكا

وَلَولا أَنَّ أَكثَرَ ما تَمَنّى
مُعاوَدَةٌ لَقُلتُ وَلا مُناكا

قَدِ اِستَشفَيتَ مِن داءٍ بِداءٍ
وَأَقتَلُ ما أَعَلَّكَ ما شَفاكا

فَأَستُرُ مِنكَ نَجوانا وَأَخفي
هُمومًا قَد أَطَلتُ لَها العِراكا

إِذا عاصَيتُها كانَت شِدادًا
وَإِن طاوَعتُها كانَت رِكاكا

وَكَم دونَ الثَوِيَّةِ مِن حَزينٍ
يَقولُ لَهُ قُدومي ذا بِذاكا

وَمِن عَذبِ الرُضابِ إِذا أَنَخنا
يُقَبِّلُ رَحلَ تُروَكَ وَالوِراكا

يُحَرِّمُ أَن يَمَسَّ الطيبَ بَعدي
وَقَد عَبِقَ العَبيرُ بِهِ وَصاكا

وَيَمنَعُ ثَغرَهُ مِن كُلِّ صَبٍّ
وَيَمنَحُهُ البَشامَةَ وَالأَراكا

يُحَدِّثُ مُقلَتَيهِ النَومُ عَنّي
فَلَيتَ النَومَ حَدَّثَ عَن نَداكا

وَأَنَّ البُختَ لا يُعرِقنَ إِلّا
وَقَد أَنضى العُذافِرَةَ اللِكاكا

وَما أَرضى لِمُقلَتِهِ بِحُلمٍ
إِذا اِنتَبَهَت تَوَهَّمَهُ اِبتِشاكا

وَلا إِلّا بِأَن يُصغي وَأَحكي
فَلَيتَهُ لا يُتَيِّمُهُ هَواكا

وَكَم طَرِبِ المَسامِعِ لَيسَ يَدري
أَيَعجَبُ مِن ثَنائي أَم عُلاكا

وَذاكَ النَشرُ عِرضُكَ كانَ مِسكًا
وَذاكَ الشِعرُ فِهري وَالمَداكا

فَلا تَحمَدهُما وَاِحمَد هُمامًا
إِذا لَم يُسمِ حامِدُهُ عَناكا

أَغَرَّ لَهُ شَمائِلُ مِن أَبيهِ
غَدًا يَلقى بَنوكَ بِها أَباكا

وَفي الأَحبابِ مُختَصٌّ بِوَجدٍ
وَآخَرُ يَدَّعي مَعَهُ اِشتِراكا

إِذا اِشتَبَهَت دُموعٌ في خُدودٍ
تَبَيَّنَ مَن بَكى مِمَّن تَباكى

أَذَمَّت مَكرُماتُ أَبي شُجاعٍ
لِعَينِيَ مِن نَوايَ عَلى أُلاكا

فَزُل يا بُعدُ عَن أَيدي رِكابٍ
لَها وَقعُ الأَسِنَّةِ في حَشاكا

وَأَيّا شِئتِ يا طُرُقي فَكوني
أَذاةً أَو نَجاةً أَو هَلاكا

فَلَو سِرنا وَفي تَشرينَ خَمسٌ
رَأَوني قَبلَ أَن يَروا السِماكا

يُشَرِّدُ يُمنُ فَنّاخُسرَ عَنّي
قَنا الأَعداءِ وَالطَعنِ الدِراكا

وَأَلبَسُ مِن رِضاهُ في طَريقي
سِلاحًا يَذعَرُ الأَبطالَ شاكا

وَمَن أَعتاضُ عَنكَ إِذا اِفتَرَقنا
وَكُلُّ الناسِ زورٌ ما خَلاكا

وَما أَنا غَيرُ سَهمٍ في هَواءٍ
يَعودُ وَلَم يَجِد فيهِ اِمتِساكا

حَيِيٌ مِن إِلَهي أَن يَراني
وَقَد فارَقتُ دارَكَ وَاِصطَفاكا

إرسال تعليق

0 تعليقات