بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا
وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا
حَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلًا
بِالدارِ دارًا وَلا الجيرانِ جيرانا
قَد كُنتُ في أَثَرِ الأَظعانِ ذا طَرَبٍ
مُرَوَّعًا مِن حِذارِ البَينِ مِحزانا
يا رَبُّ مُكتَإِبٍ لَو قَد نُعيتُ لَهُ
باكٍ وَآخَرَ مَسرورٍ بِمَنعانا
لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا
أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا
كَصاحِبِ المَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ
يَدعو إِلى اللَهِ إِسرارًا وَإِعلانا
يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَتَهُ
بَلِّغ تَحِيَّتَنا لُقّيتَ حُملانا
بَلِّغ رَسائِلَ عَنّا خَفَّ مَحمَلُها
عَلى قَلائِصَ لَم يَحمِلنَ حيرانا
كَيما نَقولُ إِذا بَلَّغتَ حاجَتَنا
أَنتَ الأَمينُ إِذا مُستَأمَنٌ خانا
تُهدي السَلامَ لِأَهلِ الغَورِ مِن مَلَحٍ
هَيهاتَ مِن مَلَحٍ بِالغَورِ مُهدانا
أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ الجِزعِ مَنزِلَةً
بِالطَلحِ طَلحًا وَبِالأَعطانِ أَعطانا
يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ
أَو ساقِيًا فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا
أَو لَيتَها لَم تُعَلِّقنا عُلاقَتَها
وَلَم يَكُن داخِلَ الحُبُّ الَّذي كانا
هَلّا تَحَرَّجتِ مِمّا تَفعَلينَ بِنا
يا أَطيَبَ الناسِ يَومَ الدَجنِ أَردانا
قالَت أَلِمَّ بِنا إِن كُنتَ مُنطَلِقًا
وَلا إِخالُكَ بَعدَ اليَومِ تَلقانا
يا طَيبَ هَل مِن مَتاعٍ تُمتِعينَ بِهِ
ضَيفًا لَكُم باكِرًا يا طَيبَ عَجلانا
ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ
هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا
يا أُمَّ عَمروٍ جَزاكِ اللَهُ مَغفِرَةً
رُدّي عَلَيَّ فُؤادي كَالَّذي كانا
أَلَستِ أَحسَنَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ
يا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانا
يَلقى غَريمُكُمُ مِن غَيرِ عُسرَتِكُم
بِالبَذلِ بُخلًا وَبِالإِحسانِ حِرمانا
لا تَأمَنَنَّ فَإِنّي غَيرُ آمِنِهِ
غَدرَ الخَليلِ إِذا ما كانَ أَلوانا
قَد خُنتِ مَن لَم يَكُن يَخشى خِيانَتَكُم
ما كُنتُ أَوَّلَ مَوثوقٍ بِهِ خانا
لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني
لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا
كادَ الهَوى يَومَ سَلمانينَ يَقتُلُني
وَكادَ يَقتُلُني يَومًا بِبَيدانا
وَكادَ يَومَ لِوى حَوّاءَ يَقتُلُني
لَو كُنتُ مِن زَفَراتِ البَينِ قُرحانا
لا بارَكَ اللَهُ فيمَن كانَ يَحسِبُكُم
إِلّا عَلى العَهدِ حَتّى كانَ ما كانا
مِن حُبَّكُم فَاِعلَمي لِلحُبِّ مَنزِلَةً
نَهوى أَميرُكُمُ لَو كانَ يَهوانا
لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت
أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا
يا أُمَّ عُثمانَ إِنَّ الحُبُّ عَن عَرضٍ
يُصبي الحَليمَ وَيُبكي العَينَ أَحيانا
ضَنَّت بِمَورِدَةٍ كانَت لَنا شَرَعًا
تَشفي صَدى مُستَهامِ القَلبِ صَديانا
كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم
مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا
نَهوى ثَرى العِرقِ إِذ لَم نَلقَ بَعدَكُمُ
كَالعِرقِ عِرقًا وَلا السُلّانِ سُلّانا
ما أَحدَثَ الدَهرُ مِمّا تَعلَمينَ لَكُم
لِلحَبلِ صُرمًا وَلا لِلعَهدِ نِسيانا
أَبُدِّلَ اللَيلُ لا تَسري كَواكِبُهُ
أَم طالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا
يا رُبُّ عائِذَةٍ بِالغَورِ لَو شَهِدَت
عَزَّت عَلَيها بِدَيرِ اللُجِّ شَكوانا
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ
وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
يا رُبُّ غابِطِنا لَو كانَ يَطلُبُكُم
لاقى مُباعَدَةً مِنكُم وَحِرمانا
أَرَينَهُ المَوتَ حَتّى لا حَياةَ بِهِ
قَد كُنَّ دِنَّكَ قَبلَ اليَومِ أَديانا
طارَ الفُؤادُ مَعَ الخَودِ الَّتي طَرَقَت
في النَومِ طَيِّبَةَ الأَعطافِ مِبدانا
مَثلوجَةَ الريقِ بَعدَ النَومِ واضِعَةً
عَن ذي مَثانٍ تَمُجُّ المِسكَ وَالبانا
بِتنا نَرانا كَأَنّا مالِكونَ لَنا
يا لَيتَها صَدَّقَت بِالحَقِّ رُؤيانا
قالَت تَعَزَّ فَإِنَّ القَومَ قَد جَعَلوا
دونَ الزِيارَةِ أَبوابًا وَخُزّانا
لَمّا تَبَيَّنتُ أَن قَد حيلَ دونَهُمُ
ظَلَّت عَساكِرُ مِثلُ المَوتِ تَغشانا
ماذا لَقيتُ مِنَ الأَظعانِ يَومَ قِنىً
يَتبَعنَ مُغتَرِبًا بِالبَينِ ظَعّانا
أَتبَعتُهُم مُقلَةً إِنسانُها غَرِقٌ
هَل يا تُرى تارِكٌ لِلعَينِ إِنسانا
كَأَنَّ أَحداجَهُم تُحدى مُقَفِّيَةً
نَخلٌ بِمَلهَمَ أَو نَخلٌ بِقُرّانا
يا أُمَّ عُثمانَ ما تَلقى رَواحِلُنا
لَو قِستِ مُصبَحَنا مِن حَيثُ مُمسانا
تَخدي بِنا نُجُبٌ دَمّى مَناسِمَها
نَقلُ الحَزابِيِّ حِزّانًا فَحِزّانا
تَرمي بِأَعيُنِها نَجدًا وَقَد قَطَعَت
بَينَ السَلَوطَحِ وَالرَوحانِ صُوّانا
يا حَبَّذا جَبَلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ
وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا
وَحَبَّذا نَفَحاتٌ مِن يَمانِيَةٍ
تَأتيكَ مِن قِبَلِ الرَيّانِ أَحيانا
هَبَّت شَمالًا فَذِكرى ما ذَكَرتُكُمُ
عِندَ الصَفاةِ الَّتي شَرقَيَّ حَورانا
هَل يَرجِعَنَّ وَلَيسَ الدَهرُ مُرتَجِعًا
عَيشٌ بِها طالَما اِحلَولى وَما لانا
أَزمانَ يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي
وَكُنَّ يَهوَينَني إِذ كُنتُ شَيطانا
مَن ذا الَّذي ظَلَّ يَغلي أَن أَزورَكُمُ
أَمسى عَلَيهِ مَليكُ الناسِ غَضبانا
ما يَدَّري شُعَراءُ الناسِ وَيلَهُمُ
مِن صَولَةِ المُخدِرِ العادي بِخَفّانا
جَهلًا تَمَنّى حُدائي مِن ضَلالَتِهِم
فَقَد حَدَوتُهُمُ مَثنى وَوُحدانا
غادَرتُهُم مِن حَسيرٍ ماتَ في قَرَنٍ
وَآخَرينَ نَسوا التَهدارَ خِصيانا
ما زالَ حَبلِيَ في أَعناقِهِم مَرِسًا
حَتّى اِشتَفَيتُ وَحَتّى دانَ مَن دانا
مَن يَدعُني مِهُمُ يَبغي مُحارَبَتي
فَاِستَيقِنَنَّ أُجِبهُ غَيرَ وَسنانا
ما عَضَّ نابِيَ قَومًا أَو أَقولَ لَهُم
إِيّاكُمُ ثُمَّ إِيّاكُمُ وَإِيّانا
إِنّي اِمرُؤٌ لَم أُرِد فيمَن أُناوِئُهُ
لِلناسِ ظُلمًا وَلا لِلحَربِ إِدهانا
أَحمي حِمايَ بِأَعلى المَجدِ مَنزِلَتي
مِن خِندِفٍ وَالذُرى مِن قَيسِ عَيلانا
قالَ الخَليفَةُ وَالخِنزيرُ مُنهَزِمٌ
ما كُنتَ أَوَّلَ عَبدٍ مُحلِبٍ خانا
لَقى الأُخَيطِلُ بِالجَولانِ فاقِرَةً
مِثلَ اِجتِداعِ القَوافي وَبرَ هِزّانا
يا خُزرَ تَغلِبَ ماذا بالُ نِسوَتِكُم
لا يَستَفِقنَ إِلى الدَيرَينِ تَحنانا
لَن تُدرِكوا المَجدَ أَو تَشروا عَباءَكُمُ
بِالخَزِّ أَو تَجعَلوا التَنّومَ ضَمرانا
0 تعليقات