قَصَدَ المَنونُ لَهُ فَماتَ فَقيدا
وَمَضى على صَرفِ الخُطوبِ حَمِيدا
بِأبِي وَأُمِّي هَالِكًا أَفْرَدْتُهُ
قَدْ كانَ في كلِّ العُلومِ فَريدا
سُودُ المقابر أَصْبَحَتْ بِيضًا بِهِ
وَغَدَتْ لَهُ بِيضُ الضَّمائِرِ سُودا
لم نُرْزَهُ لما رُزِئنَا وَحْدَهُ
وَإنِ اسْتَقَلَّ بِهِ المَنونُ وَحِيْدا
لكِنْ رُزئنا القاسِمَ بْنَ مُحمدٍ
في فَضْلِهِ والأسْوَدَ بْنَ يَزيدا
وَابْنَ المُبارَكِ في الرقائِقِ مُخْبِرًا
وَابْنَ المُسَيَّبِ في الحديْثِ سَعيدا
وَالأخْفَشَينِ فَصاحَةً وَبَلاغَةً
والأَعشَيَيْنِ رِوايَةً وَنَشيدا
كانَ الوَصِيَّ إذا أَرَدْتُ وَصِيَّةً
وَالمُستَفادَ إذا طَلَبْتُ مُفيدا
وَلّى حَفيظًا في الأَذمَّةِ حَافِظًا
وَمضى وَدودًا في الوَرَى مَوْدودا
ما كانَ مِثْلي في الرَّزيَّةِ والِدًا
ظَفِرَتْ يَداهُ بِمِثْلِهِ مَوْلودا
حَتَّى إذا بَذَّ السَّوابِقَ في العُلا
وَالعِلْم ضُمِّنَ شِلْوُهُ مَلْحُودا
يا مَنْ يُفَنِّدُ في البُكاءِ مُوَلَّها
ما كانَ يَسْمَعُ في البُكا تَفْنيدا
تَأبَى الْقُلوبُ المُسْتَكِينَةُ لِلأسى
مِنْ أَنْ تَكُونَ حِجارَةً وحَديدا
إِنَّ الَّذي بادَ السُّرورُ بِمَوتِهِ
ما كانَ حُزنِي بَعْدَهُ لِيَبيْدا
الآنَ لمَّا أَنْ حَوَيْتَ مَآثِرًا
أَعْيَتْ عَدُوًّا في الوَرَى وحَسُودَا
ورأَيْتُ فِيكَ مِنَ الصَّلاحِ شمائِلًا
ومِنَ السَّماحِ دَلائِلًا وَشُهُودا
أَبْكِي عَلَيْكَ إذا الحمامَةُ طَرَّبَتْ
وَجْهَ الصَّباحِ وَغَرَّدَتْ تَغريدا
لَولا الحَيَاءُ وَأَنْ أُزَنَّ بِبِدْعَةٍ
مِمَّا يُعَدِّدُهُ الوَرَى تَعْديدا
لَجَعَلْتُ يَومَكَ في المَنائحِ مَأتَمًا
وَجَعَلْتُ يَوْمَكَ في المَوَالِدِ عِيدا
0 تعليقات