صبرا على وعد الزمان وإن لوى لـ صفي الدين الحلي

صبرًا على وعدِ الزّمانِ وإنْ لوَى
فعَساهُ يُصبحُ تائبًا ممّا جَنَى

لا يجزعنكَ أنّهُ رفعَ العدَى
فلسوفَ يهدمهُ قليلٌ ما بنَى

حكَموا، فجاروا في القَضاء وما دروا
أنّ المراتبَ تستحيلُ إلى فنا

ظَنّوا الوِلايةَ أنْ تَدومَ عليهِمُ
هَيهاتَ لو دامَتْ لَهُمْ دامتْ لنا

قتلوا رجالي بعدَ أن فتكوا بهمْ
في وَقعَة ِ الزّوراءِ فتكًا بيّنا

كلُّ الذينَ غَشُوا الوَقيعَةَ قُتّلوا
ما فازَ منهُمْ سالمًا إلاّ أنا

لَيسَ الفِرارُ عليّ عارًا بعدَما
شهدوا ببأسي يومَ مشتبكِ القَنا

إن كنتُ أوّلَ من نأى عن أرضِهمْ
قد كنتُ يومَ الحربِ أوّلَ مَن دَنا

أبعدْتُ عن أرضِ العراقِ ركائبي
عِلمًا بأنّ الحَزمَ نِعمَ المُقتنَى

لا أختَشي من ذِلّةٍ أو قِلّة
عِزّي لِساني والقَناعةُ لي غِنَى

جبتُ البلادَ ولستُ متخذًا بها
سكنًا، ولم أرضَ الثّرَيّا مسكنا

حتى أنختُ بماردينَ مطيّتي
فهُناكَ قالَ ليَ الزّمانُ: لكَ الهَنا

في ظلِّ ملكٍ مُذْ حلَلْتُ بربعِهِ
أمسى لسانُ الدّهرِ عَنّي ألكنَا

نظرَ الخطوبَ، وقد قسون، فلانَ لي
ورأى الزّمانَ، وقد أساءَ، فأحسَنا