لماذا نحاول هذا السفر
وقد جرّدتني من البحر عيناك
واشتعل الرمل فينا..
لماذا نحاول؟
والكلمات التي لم نقلها
تشرّدنا..
وكل البلاد مرايا
وكل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر؟
هنا قتلوك
هنا قتلوني. هنا كنت شاهدة النهر والملحمة
ولا يسأم النهر
لا يتكلّم
لا يتألم
في كلّ يوم لنا جثّة
وفي كلّ يوم أوسمة
هنا وقف النهر ما بيننا
حارسا
يجهل الضفتين
توأمين
بعيدين، كالقرب، عنّا
قريبين، كالبعد، منّا
ولا بد من حارس
آه لا بدّ من حارس بيننا،
كأنّ المياه التي تفصل الضفتين
دم الجسدين
وكنّا هنا ضفتين
وكنّا هنا جسدين
وكلّ البلاد مريا
وكلّ المريا حجر
لماذا نحاول هذا السفر؟
كأنّ الجبال اختفت كلها
وكأنّي أحبّك
كان المطار الفرنسيّ مزدحما
بالبضائع والناس.
كل البضائع شرعية
ما عدا جسدي
آه.. يا خلف عينيك.. يا بلدي
كنت ملتحما
بالوراء الذي يتقدّم
ضيعت سيفي الدمشقي متهما
بالدفاع عن الطين
ليس لسيفي رأي بأصل الخلافة
فاتهموني..
علّقوني على البرج
وانصرفوا
لترميم قصر الضيافة
كأني أحبّك حقا
فأغمدت ريحا بخاصرتي
كنت أنت الرياح وكنت الجناح
وفتشت عنك السماء البعيدة
وقد كنت أستأجر الحلم
للحلم شكل يقلدها
وكنت أغنّي سدى
لحصان على شجر
وفي آخر الأرض أرجعني البحر
كلّ البلاد مرايا
وكل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر؟
تكونين أقرب من شفتيّ
وأبعد من قبلة لا تصل
كأنّي أحبّك
كان الرحيل يطاردني في شوارع جسمك
وكان الرحيل يحاصرني في أزقّة جسمك
فأترك صمتي على شفتيك
وأترك صوتي على درج المشنقه
كأنّي أحبّك
كان الرحيل يخبئني في جزائر جسمك
واسع ضيق هذا المدى
والرحيل يخّبئني في فم الزنبقة
أعيدي صياغة وقتي
لأعرف أين أموت سدى
مر يوم بلا شهداء
أعيدي صياغة صوتي
فإن المغني الذي ترسم الفتيات له صورة
صادروا صوته
مرّ يوم بلا شهداء
وبين الفراغين أمشي إليك وفيك
وأولد من نطفة لا أراها
وألعب في جثّتي والقمر
لماذا نحاول هذا السفر
وكل البلاد مرايا
وكل المرايا حجر
لماذا نحاول هذا السفر؟