البعث لـ سيد قطب

قد بعثتُ اليوم أحيا من جديد
فهو بعث من حياة خامدة

مر نصف العمر أو كاد يزيد
لهف نفسي – في حياة راكدة

،
في حياة لم أجد فيها حياة!
بلغَ العقم بها أقصى مداه
وتبدت بلقعاً مثل الفلاة

،
ثم لاحت تتراءى من بعيد
شعلة من نار حب واقدة

تلهب الحس وتستوحي القصيد
والأناشيد العذاب الخالدة

***
شاعر قد صيغ من فيض الشعور
ملهم الفطرة منهوم النظر

نابض بالعطـف حساس الضمير
يدرك الهمسة تسري في حذر

،
كيف يحيا – وهو هذا – في عماء
مغلق الإحساس مطموس الرجاء
مقفرا كالكهـف محجوب الضياء؟

،
هكذا عشت كسكّـان القبور
في ربيع العمر في العهد النضر

آه لو أسطيع للماضي الحسير
رجعة، من بعد ما جاء ومَر!

***
كنتُ أحييهِ كما يحيا الشباب!
نابضا بالحب جياش الأماني

ممسكا أهدابه خوف الذهاب
مستعزّا فيه حتى بالثواني!

،
طافراً أمرح فيه كالطيور
حينما تشدو بألحان البكور
بعدما تنفحها ريح الزهور

،
نصف عمري قد تولى في اكتئاب
فلأقض النصف نشوان الأغاني!

هائما ألهو بمعسول الرغاب
أو غني بالأمانيّ الحسان!