قد بعثتُ اليوم أحيا من جديد
فهو بعث من حياة خامدة
مر نصف العمر أو كاد يزيد
لهف نفسي – في حياة راكدة
،
في حياة لم أجد فيها حياة!
بلغَ العقم بها أقصى مداه
وتبدت بلقعاً مثل الفلاة
،
ثم لاحت تتراءى من بعيد
شعلة من نار حب واقدة
تلهب الحس وتستوحي القصيد
والأناشيد العذاب الخالدة
***
شاعر قد صيغ من فيض الشعور
ملهم الفطرة منهوم النظر
نابض بالعطـف حساس الضمير
يدرك الهمسة تسري في حذر
،
كيف يحيا – وهو هذا – في عماء
مغلق الإحساس مطموس الرجاء
مقفرا كالكهـف محجوب الضياء؟
،
هكذا عشت كسكّـان القبور
في ربيع العمر في العهد النضر
آه لو أسطيع للماضي الحسير
رجعة، من بعد ما جاء ومَر!
***
كنتُ أحييهِ كما يحيا الشباب!
نابضا بالحب جياش الأماني
ممسكا أهدابه خوف الذهاب
مستعزّا فيه حتى بالثواني!
،
طافراً أمرح فيه كالطيور
حينما تشدو بألحان البكور
بعدما تنفحها ريح الزهور
،
نصف عمري قد تولى في اكتئاب
فلأقض النصف نشوان الأغاني!
هائما ألهو بمعسول الرغاب
أو غني بالأمانيّ الحسان!