أَسَيفَ الهُدى وَقَريعَ العَرَبِ
عَلامَ الجَفاءُ وَفيمَ الغَضَب؟
وَما بالُ كُتبِكَ قَد أَصبَحَت
تَنَكَّبُني مَعَ هَذا النَكَب؟
وَأَنتَ الكَريمُ وَأَنتَ الحَليمُ
وَأَنتَ العَطوفُ وَأَنتَ الحَدِب
وَما زِلتَ تَسبِقُني بِالجَميلِ
وَتُنزِلُني بِالجَنابِ الخَصِب
وَتَدفَعُ عَن حَوزَتَيَّ الخُطوبَ
وَتَكشِفُ عَن ناظِرَيَّ الكُرَب
وَإِنَّكَ لَلجَبَلُ المُشمَخِر
رُ لي بَل لِقَومِكَ بَل لِلعَرَب
عُلىً تُستَفادُ وَمالٌ يُفادُ
وَعِزٌّ يُشادُ وَنُعمى تُرَب
وَما غَضَّ مِنِّيَ هَذا الإِسارُ
وَلكِن خَلَصتُ خُلوصَ الذَهَب
فَفيمَ يُقَرِّعُني بِالخُمو
ـلِ مَولىً بِهِ نِلتُ أَعلى الرُتَب
وَكانَ عَتيدًا لَدَيَّ الجَوابُ
وَلَكِن لِهَيبَتِهِ لَم أُجَب
أَتُنكِرُ أَنّي شَكَوتُ الزَمانَ
وَأَنّي عَتَبتُكَ فيمَن عَتَب
فَأَلّا رَجَعتَ فَأَعتَبتَني
وَصَيَّرتَ لي وَلِقَولي الغَلَب
فَلا تَنسِبَنَّ إِلَيَّ الخُمولَ
عَلَيكَ أَقَمتُ فَلَم أَغتَرِب
وَأَصبَحتُ مِنكَ فَإِن كانَ فَضلٌ
وَإِن كانَ نَقصٌ فَأَنتَ السَبَب
وَما شَكَّكَتنِيَ فيكَ الخُطوبُ
وَلا غَيَّرَتني عَلَيكَ النُوَب
فَأَشكَرُ ماكُنتُ في ضَجرَتي
وَأَحلَمُ ماكُنتُ عِندَ الغَضَب
وَإِنَّ خُراسانَ إِن أَنكَرَت
عُلايَ فَقَد عَرَفَتها حَلَب
وَمِن أَينَ يُنكِرُني الأَبعَدونَ
أَمِن نَقصِ جَدٍّ؟ أَمِن نَقصِ أَب؟
أَلَستُ وَإِيّاكَ مِن أُسرَةٍ؟
وَبَيني وَبَينَكَ فَوقَ النَسَب؟
وَدادٌ تَناسَبُ فيهِ الكِرامُ
وَتَربِيَةٌ وَمَحَلٌّ أَشِب
وَنَفسٌ تَكَبَّرُ إِلّا عَلَيكَ
وَتَرغَبُ إِلّاكَ عَمَّن رَغِب
فَلا تَعدِلَنَّ فِداكَ اِبنُ عَمِّ
كَ لابَل غُلامُكَ عَمّا يَجِب
وَأَنصِف فَتاكَ فَإِنصافُهُ
مِنَ الفَضلِ وَالشَرَفِ المُكتَسَب
وَكُنتَ الحَبيبَ وَكُنتَ القَريبَ
لَيالِيَ أَدعوكَ مِن عَن كَثَب
فَلَمّا بَعُدتُ بَدَت جَفوَةٌ
وَلاحَ مِنَ الأَمرِ ما لا أُحِب
فَلَو لَم أَكُن بِكَ ذا خِبرَةٍ
لَقُلتُ: صَديقُكَ مَن لَم يَغِب