صَدَفَت لُهَيّا قَلبِيَ المُستَهتِرِ
فَبَقيتُ نَهبَ صَبابَةٍ وَتَذَكُّرِ
غابَت نُجومُ السَعدِ يَومَ فِراقِها
وَأَساءَتِ الأَيّامُ فيها مَحضِري
في كُلِّ يَومٍ في فُؤادي وَقعَةٌ
لِلشَوقِ إِلّا أَنَّها لَم تُذكَرِ
أَرِني حَليفًا لِلصِبا جارى الصِبا
في حَلبَةِ الأَحزانِ لَم يَتَفَطَّرِ
أَمّا الَّذي في جِسمِهِ فَسَلِ الَّتي
هَجَرَتهُ وَهوَ مُواصِلٌ لَم يَهجُرِ
صَفراءُ صُفرَةَ صِحَّةٍ قَد رَكَّبَت
جُثمانَهُ في ثَوبِ سُقمٍ أَصفَرِ
قَتَلَتهُ سِرًّا ثُمَّ قالَت جَهرَةً
قَولَ الفَرَزدَقِ لا بِظَبيٍ أَعفَرِ
نَظَرَت إِلَيهِ فَما استَنَمَّت لَحظَها
حَتّى تَمَنَّت أَنَّها لَم تَنظُرِ
وَرَأَت شُحوبًا رابَها في جِسمِهِ
ماذا يُريبُكِ مِن جَوادٍ مُضمَرِ
غَرَضُ الحَوادِثِ ما تَزالُ مُلِمَّةٌ
تَرميهِ عَن شَزَنٍ بِأُمِّ حَبَوكَرِ
سَدِكَت بِهِ الأَقدارُ حَتّى إِنَّها
لَتَكادُ تَفجَأُهُ بِما لَم يَقدُرِ
ما كَفَّ مِن حَربِ الزَمانِ وَرَميِهِ
بِالصَبرِ إِلّا أَنَّهُ لَم يُنصَرِ
ما إِن يَزالُ بِحَدِّ حَزمٍ مُقبِلٍ
مُتَوَطِّئًا أَعقابَ رِزقٍ مُدبِرِ
العيسُ تَعلَمُ أَنَّ حَوباواتِها
رَيخٌ إِذا بَلَغَتكَ إِن لَم تُنحَرِ
كَم ظَهرِ مَرتٍ مُقفِرٍ جاوَزتُهُ
فَحَلَلتُ رَبعًا مِنكَ لَيسَ بِمُقفِرِ
بِنَداكَ يوسى كُلُّ جُرحٍ يَعتَلى
رَأبَ الأُساةِ بِدَردَبيسٍ قِنطَرِ
جودٌ كَجودِ السَيلِ إِلاّ أَنَّ ذا
كَدِرٌ وَأَنَّ نَداكَ غَيرُ مُكَدَّرِ
الفِطرُ وَالأَضحى قَدِ انسَلَخا وَلي
أَمَلٌ بِبابِكَ صائِمٌ لَم يُفطِرِ
عامٌ وَلَم يُنتِج نَداكَ وَإِنَّما
تُتَوَقَّعُ الحُبلى لِتِسعَةِ أَشهُرِ
جِش لي بِبَحرٍ واحِدٍ أُغرِقكَ في
مَدحٍ أَجيشُ لَهُ بِسَبعَةِ أَبحُرِ
قَصِّر بِبَذلِكَ عُمرَ مُطلِكَ تَحوِ لي
حَمدًا يُعَمِّرُ عُمرَ سَبعَةِ أَنسُرِ
كَم مِن كَثيرِ البَذلِ قَد جازَيتُهُ
شُكرًا بِأَطيَبَ مِن نَداهُ وَأَكثَرِ
شَرُّ الأَوائِلِ وَالأَواخِرِ ذِمَّةٌ
لَم تُصطَنَع وَصَنيعَةٌ لَم تُشكَرِ
لا تُغضِبَنَّكَ مُنهِضاتي إِنَّها
مَذخورَةٌ لَكَ في السِقاءِ الأَوفَرِ
أَفديكَ مورِقَ مَوعِدٍ لَم يَفدِني
مِن قَولِ باغٍ أَنَّهُ لَم يُثمِرِ
قَد كِدتُ أَن أَنسى ظِماءَ جَوانِحي
مِن بُعدِ شُقَّةِ مَورِدي عَن مَصدَري
وَلَئِن أَرَدتَ لَأَعذِرَنَّكَ مُحمَلًا
وَالعَجزُ عِندي عُذرُ غَيرِ المُعذِرِ
ما إِن أَراني مادِحًا وَمُعاتِبًا
إِلّا وَقَد حَرَّرتُ فيكَ فَحَرِّرِ
وَاعلَم بِأَنّي اليَومَ غَرسُ مَحامِدٍ
تَزكو فَتَجنيها غَدًا في العَسكَرِ
0 تعليقات