أَأَللَهُ إِنّي خالِدٌ بَعدَ خالِدِ
وَناسٍ سِراجَ المَجدِ نَجمَ المَحامِدِ
وَقَد تُرِعَت إِثفِيَّةُ العَرَبِ الَّتي
بِها صُدِعَت ما بَينَ تِلكَ الجَلامِدِ
أَلا غَربُ دَمعٍ ناصِرٍ لي عَلى الأَسى
أَلا حُرُّ شِعرٍ في الغَليلِ مُساعِدي
فَلَم تَكرُمِ العَينانِ إِن لَم تُسامِحا
وَلا طابَ فَرعُ الشِعرِ إِن لَم يُساعِدِ
لِتَبكِ القَوافي شَجوَها بَعدَ خالِدٍ
بُكاءَ مُضِلّاتِ السَماحِ نَواشِدِ
لَكانَت عَذاراها إِذا هِيَ أُبرِزَت
لَدى خالِدٍ مِثلَ العَذارى النَواهِدِ
وَكانَت لِصَيدِ الوَحشِ مِنها حَلاوَةٌ
عَلى قَلبِهِ لَيسَت لِصَيدِ الأَوابِدِ
وَكانَ يَرى سَمَّ الكَلامِ كَأَنَّما
يُقَشَّبُ أَحيانًا بِسَمِّ الأَساوِدِ
تَقَلَّصَ ظِلُّ العُرفِ في كُلِّ بَلدَةٍ
وَأُطفِئَ في الدُنيا سِراجُ القَصائِدِ
فَيا عِيَّ مَرحولٍ إِلَيهِ وَراحِلٍ
وَخَجلَةَ مَوفودٍ إِلَيهِ وَوافِدِ
وَيا ماجِدًا أَوفى بِهِ المَوتُ نَذرَهُ
فَأَشعَرَ رَوعًا كُلَّ أَروَعَ ماجِدِ
غَدًا يَمنَعُ المَعروفُ بَعدَكَ دَرَّهُ
وَتَغدِرُ غُدرانَ الأَكُفِّ الرَوافِدِ
وَيا شائِمًا بَرقًا خَدوعًا وَسامِعًا
لِراعِدَةٍ دَجّالَةٍ في الرَواعِدِ
أَقِم ثُمَّ حُطَّ الرَحلَ وَالظَنَّ إِنَّهُ
مَضَت قِبلَةُ الأَسفارِ مِن بَعدِ خالِدِ
تَكَفَّأَ مَتنُ الأَرضِ يَومَ تَعَطَّلَت
مِنَ الجَبَلِ المُنهَدِّ تَحتَ الفَدافِدِ
فَلِلثَغرِ لَونٌ قاتِمٌ بَعدَ مَنظَرٍ
أَنيقٍ وَجَوٌّ سائِلٌ غَيرُ راكِدِ
لَأَبرَحتَ يا عامَ المَصائِبِ بَعدَما
دَعَتكَ بَنو الآمالِ عامَ الفَوائِدِ
لَقَد نَهَسَ الدَهرُ القَبائِلَ بَعدَهُ
بِنابٍ حَديدٍ يَقطُرُ السَمَّ عانِدِ
فَجَلَّلَ قَحطًا آلَ قَحطانَ وَانثَنَت
نِزارٌ بِمَنزورٍ مِنَ العَيشِ جاحِدِ
عَلى أَيِّ عِرنينٍ غُلِبنا وَمارِنٍ
وَأَيَّةُ كَفٍّ فارَقَتنا وَساعِدِ
كَأَنّا فَقَدنا أَلفَ أَلفِ مُدَجَّجٍ
عَلى أَلفِ أَلفٍ مُقرَبٍ لا مُباعَدِ
فَيا وَحشَةَ الدُنيا وَكانَت أَنيسَةً
وَوَحدَةَ مَن فيها لِمَصرَعِ واحِدِ
مَضَت خُيَلاءُ الخَيلِ وَانصَرَفَ الرَدى
بِأَنفَسِ نَفسٍ مِن مَعَدٍّ وَوالِدِ
فَأَينَ شِفاءُ الثَغرِ أَينَ إِذا القَنا
خَطَرنَ عَلى عُضوٍ مِنَ المُلكِ فاسِدِ
وَأَينَ الجِلادُ الهَبرُ إِذ لَيسَ سَيِّدٌ
يَقي جِلدَةَ الأَحسابِ إِن لَم يُجالِدِ
وَمَن يَجعَلُ السُلطانَ حَبلَ وَريدِهِ
وَمَن يَنظِمِ الأَطرافَ نَظمَ القَلائِدِ
وَمَن لَم يَكُن يَنفَكُّ يَغبِقُ سَيفَهُ
دَمًا عانِدًا مِن نَحرِ لَيثٍ مُعانِدِ
بِنَفسِيَ مَن خَطَّت رَبيعَةُ لَحدَهُ
وَلازالَ مُهتَزَّ الرُبى غَيرَ هامِدِ
أَقامَ بِهِ مِن حَيِّ بَكرِ بنِ وائِلٍ
هَنِيَّ النَدى مُخضَرَّ إِثرَ المَواعِدِ
فَماذا حَوَت أَكفانُهُ مِن شَمائِلٍ
مَناهِلَ أَعدادٍ عِذابَ المَوارِدِ
خَلائِقُ كانَت كَالثُغورِ تَخَرَّمَت
وَكانَ عَلَيها واقِفًا كَالمُجاهِدِ
فَكَم غالَ ذاكَ التُربُ لي وَلِمَعشَري
وَلِلناسِ طُرًّا مِن طَريفٍ وَتالِدِ
أَشَيبانُ لا ذاكَ الهِلالُ بِطالِعٍ
عَلَينا وَلا ذاكَ الغَمامُ بِعائِدِ
أَشَيبانُ ما جَدّي وَلا جَدُّ كاشِحٍ
وَلا جَدُّ شَيءٍ يَومَ وَلّى بِصاعِدِ
أَشَيبانُ عَمَّت نارُها مِن مُصيبَةٍ
فَما يُشتَكى وَجدٌ إِلى غَيرِ واجِدِ
لَئِن أَقرَحَت عَينَي صَديقٍ وَصاحِبٍ
لَقَد زَعزَعَت رُكنَي عَدُوٍّ وَحاسِدِ
لَئِن هِيَ أَهدَت لِلأَقارِبِ تَرحَةً
لَقَد جَلَّلَت تُربًا خُدودَ الأَباعِدِ
فَما جانِبُ الدُنيا بِسَهلٍ وَلا الضُحى
بِطَلقٍ وَلا ماءُ الحَياةِ بِبارِدِ
بَلى وَأَبي إِنَّ الأَميرَ مُحَمَّدًا
لَقُطبُ الرَحى مِصباحُ تِلكَ المَشاهِدِ
حَمِدتُ اللَيالي إِذ حَمَت سَرحَنا بِهِ
وَلَستُ لَها في غَيرِ ذاكَ بِحامِدِ
عَلَيهِ دَليلٌ مِن يَزيدَ وَخالِدٍ
وَنورانِ لاحا مِن نِجارٍ وَشاهِدِ
مِنَ المُكرِمينَ الخَيلَ فيهِم وَلَم يَكُن
لِيُكرِمَها إِلّا كِرامُ المَحاتِدِ
أَخو الحَربِ يَكسوها نَجيعًا كَأَنَّما
مُتونُ رُباها مِنهُ مِثلُ المَجاسِدِ
إِذا شَبَّ نارًا أَقعَدَت كُلَّ قائِمٍ
وَقامَ لَها مِن خَوفِهِ كُلُّ قاعِدِ
فَقُل لِمُلوكِ السيسَجانِ وَمَن غَدا
بِأَرّانَ أَو جُرزانَ غَيرَ مُناشِدِ
أَلا أَلقوا مَقاليدَ البِلادِ وَهَل لَها
رِتاجٌ فَيُلقي أَهلُها بِالمَقالِدِ
وَلا يُغوِكُم شَيطانُ حَربٍ فَإِنَّهُ
مَعَ السَيفِ يَدمى نَصلُهُ غَيرُ مارِدِ
وَلا تَفتَرِق أَعناقُكُم إِنَّ حَولَها
رُدَينِيَّةً يَجمَعنَ هامَ الشَوارِدِ
وَما كَثَرَت في بَلدَةٍ قِصَدُ القَنا
فَتُقلِعَ إِلّا عَن رِقابٍ قَواصِدِ
0 تعليقات