فحواك عين على نجواك يا مذل لـ أبي تمام

فَحواكَ عَينٌ عَلى نَجواكَ يا مَذِلُ
حَتّامَ لا يَتَقَضّى قَولُكَ الخَطِلُ

وَإِنَّ أَسمَجَ مَن تَشكو إِلَيهِ هَوىً
مَن كانَ أَحسَنَ شَيءٍ عِندَهُ العَذَلُ

ما أَقبَلَت أَوجُهُ اللَذّاتِ سافِرَةً
مُذ أَدبَرَت بِاللِوى أَيّامُنا الأُوَلُ

إِن شِئتَ أَلّا تَرى صَبرًا لِمُصطَبَرٍ
فَانظُر عَلى أَيِّ حالٍ أَصبَحَ الطَلَلُ

كَأَنَّما جادَ مَغناهُ فَغَيَّرَهُ
دُموعُنا يَومَ بانوا وَهيَ تَنهَمِلُ

وَلَو تَراهُم وَإِيّانا وَمَوقِفَنا
في مَأتَمِ البَينِ لِاستِهلالِنا زَجَلُ

مِن حُرقَةٍ أَطلَقَتها فُرقَةٌ أَسَرَت
قَلبًا وَمِن غَزَلٍ في نَحرِهِ عَذَلُ

وَقَد طَوى الشَوقَ في أَحشائِنا بَقَرٌ
عَينٌ طَوَتهُنَّ في أَحشائِها الكِلَلُ

فَرَغنَ لِلسِحرِ حَتّى ظَلَّ كُلُّ شَجٍ
حَرّانَ في بَعضِهِ عَن بَعضِهِ شُغُلُ

يُخزي رُكامَ النَقا ما في مَآزِرِها
وَيَفضَحُ الكُحلَ في أَجفانِها الكَحَلُ

تَكادُ تَنتَقِلُ الأَرواحُ لَو تُرِكَت
مِنَ الجُسومِ إِلَيها حَيثُ تَنتَقِلُ

طُلَّت دِماءٌ هُريقَت عِندَهُنَّ كَما
طُلَّت دِماءُ هَدايا مَكَّةَ الهَمَلُ

هانَت عَلى كُلِّ شَيءٍ فَهوَ يَسفِكُها
حَتّى المَنازِلُ وَالأَحداجُ وَالإِبِلُ

بِالقائِمِ الثامِنِ المُستَخلَفِ اطَّأَدَت
قَواعِدُ المُلكِ مُمتَدًّا لَها الطِوَلُ

بِيُمنِ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ لا أَوَدٌ
بِالمُلكِ مُذ ضَمَّ قُطرَيهِ وَلا خَلَلُ

يَهني الرَعِيَّةَ أَنَّ اللَهَ مُقتَدِرًا
أَعطاهُمُ بِأَبي إِسحاقَ ما سَأَلوا

لَو كانَ في عاجِلٍ مِن آجِلٍ بَدَلٌ
لَكانَ في وَعدِهِ مِن رِفدِهِ بَدَلُ

تَغايَرَ الشِعرُ فيهِ إِذ سَهِرتُ لَهُ
حَتّى ظَنَنتُ قَوافيهِ سَتَقتَتِلُ

لَولا قَبولِيَ نُصحَ العَزمِ مُرتَحِلًا
لَراكَضاني إِلَيهِ الرَحلُ وَالجَمَلُ

لَهُ رِياضُ نَدىً لَم يُكبِ زَهرَتَها
خُلفٌ وَلَم تَتَبَختَر بَينَها العِلَلُ

مَدى العُفاةِ فَلَم تَحلُل بِهِ قَدَمٌ
إِلّا تَرَحَّلَ عَنها العَثرُ وَالزَلَلُ

ما إِن يُبالي إِذا حَلّى خَلائِقَهُ
بِجودِهِ أَيَّ قُطرَيهِ حَوى العَطَلُ

كَأَنَّ أَموالَهُ وَالبَذلُ يَمحَقُها
نَهبٌ تَعَسَّفَهُ التَبذيرُ أَو نَفَلُ

شَرَستَ بَل لِنتَ بَل قانَيتَ ذاكَ بِذا
فَأَنتَ لا شَكَّ فيكَ السَهلُ وَالجَبَلُ

يَدي لِمَن شاءَ رَهنٌ لَم يَذُق جُرَعًا
مِن راحَتَيكَ دَرى ما الصابُ وَالعَسَلُ

صَلّى الإِلَهُ عَلى العَبّاسِ وَانبَجَسَت
عَلى ثَرىً حَلَّهُ الوَكّافَةُ الهُطُلُ

ذاكَ الَّذي كانَ لَو أَنَّ الأَنامَ لَهُ
نَسلٌ لَما راضَهُم جُبنٌ وَلا بَخَلُ

أَبو النُجومِ الَّتي ما ضَنَّ ثاقِبُها
أَن لَم يَكُن بُرجُهُ ثَورٌ وَلا حَمَلُ

مِن كُلِّ مُشتَهَرٍ في كُلِّ مُعتَرَكٍ
لَم يُعرَفِ المُشتَري فيهِ وَلا زُحَلُ

يَحميهِ لَألاؤُهُ أَو لَوذَعِيَّتُهُ
مِن أَن يُذالَ بِمَن أَو مِمَّنِ الرَجُلُ

وَمَشهَدٍ بَينَ حُكمِ الذُلِّ مُنقَطِعٌ
صاليهِ أَو بِحِبالِ المَوتِ مُتَّصِلُ

ضَنكٍ إِذا خَرِسَت أَبطالُهُ نَطَقَت
فيهِ الصَوارِمُ وَالخَطِّيَةُ الذُبُلُ

لا يَطمَعُ المَرءُ أَن يَجتابَ غَمرَتَهُ
بِالقَولِ ما لَم يَكُن جِسرًا لَهُ العَمَلُ

جَلَّيتَ وَالمَوتُ مُبدٍ حُرَّ صَفحَتِهِ
وَقَد تَفَرعَنَ في أَوصالِهِ الأَجَلُ

أَبَحتَ أَوعارَهُ بِالضَربِ وَهوَ حِمىً
لِلحَربِ يَثبُتُ فيهِ الرَوعُ وَالوَهَلُ

آلُ النَبِيِّ إِذا ما ظُلمَةٌ طَرَقَت
كانوا لَنا سُرُجًا أَنتُم لَها شُعَلُ

يَستَعذِبونَ مَناياهُم كَأَنَّهُمُ
لا يَيأَسونَ مِنَ الدُنيا إِذا قُتِلوا

قَومٌ إِذا وَعَدوا أَو أَوعَدوا غَمَروا
صِدقًا ذَوائِبَ ما قالوا بِما فَعَلوا

أُسدُ عَرينٍ إِذا ما الرَوعُ صَبَّحَها
أَو صَبَّحَتهُ وَلَكِن غَابُها الأَسَلُ

تَناوَلُ الفَوتَ أَيدي المَوتِ قادِرَةً
إِذا تَناوَلَ سَيفًا مِنهُمُ بَطَلُ

لِيَسقَمِ الدَهرُ أَو تَصحِح مَوَدَّتُهُ
فَاليَومَ أَوَّلَ يَومٍ صَحَّ لي أَمَلُ

أَدنَيتُ رَحلي إِلى مُدنٍ مَكارِمَهُ
إِلَيَّ يَهتَبِلُ اللَذ حَيثُ أَهتَبِلُ

يَحميهِ حَزمٌ لِحَزمِ البُخلِ مُهتَضِمٌ
جودًا وَعِرضٌ لِعِرضِ المالِ مُبتَذِلُ

فِكرٌ إِذا راضَهُ راضَ الأُمورَ بِهِ
رَأيٌ تَفَنَّنَ فيهِ الرَيثُ وَالعَجَلُ

قَد جاءَ مِن وَصفِكَ التَفسيرُ مُعتَذِرًا
بِالعَجزِ إِن لَم يُغِثني اللَهُ وَالجُمَلُ

لَقَد لَبِستَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِها
حَليًا نِظاماهُ بَيتٌ سارَ أَو مَثَلُ

غَريبَةٌ تُؤنِسُ الآدابُ وَحشَتَها
فَما تَحُلُّ عَلى قَومٍ فَتَرتَحِلُ

إرسال تعليق

0 تعليقات