نثرت فريد مدامع لم ينظم لـ أبي تمام

نَثَرَت فَريدَ مَدامِعٍ لَم يُنظَمِ
وَالدَمعُ يَحمِلُ بَعضَ ثِقلَ المُغرَمِ

وَصَلَت دُموعًا بِالنَجيعِ فَخَدُّها
في مِثلِ حاشِيَةِ الرِداءِ المُعلَمِ

وَلِهَت فَأَظلَمَ كُلُّ شَيءٍ دونَها
وَأَنارَ مِنها كُلُّ شَيءٍ مُظلِمِ

وَكَأَنَّ عَبرَتَها عَشِيَّةَ وَدَّعَت
مُهراقَةٌ مِن ماءِ وَجهي أَو دَمي

ضَعُفَت جَوارِحُ مَن أَذاقَتهُ النَوى
طَعمَ الفِراقِ فَذَمَّ طَعمَ العَلقَمِ

هِيَ ميتَةٌ إِلّا سَلامَةَ أَهلِها
مِن خَلَّتَينِ مِنَ الثَرى وَالماتَمِ

إِن شِئتَ أَن يَسوَدَّ ظَنُّكَ كُلُّهُ
فَأَجِلهُ في هَذا السَوادِ الأَعظَمِ

لَيسَ الصَديقُ بِمَن يُعيرُكَ ظاهِرًا
مُتَبَسِّمًا عَن باطِنٍ مُتَجَهِّمِ

فَليُبلِغِ الفِتيانُ عَنّي مالِكًا
أَنّي مَتى يَتَثَلَّموا أَتَهَدَّمِ

وَلتَعلَمِ الأَيّامُ أَنّي فُتُّها
بِأَبي الحُسَينِ مُحَمَّدِ بنِ الهَيثَمِ

بِأَغَرَّ لَيسَ بِتَوأَمٍ وَيَمينُهُ
تَغدو وَتَطرُقُ بِالنَوالِ التَوأَمِ

قَد قُلتُ لِلمُغتَرِّ مِنهُ بِصَفحِهِ
وَأَخو الكَرى لَو لَم يَنَم لَم يَحلَمِ

لا يُلحِمَنَّكَهُ تَحَلُّمُهُ فَقَد
يودي بِكَ الوادي وَلَيسَ بِمُفعَمِ

حَدَتِ الوُفودُ إِلى الجَزيرَةِ عيسَها
مِن مُنجِدٍ بِمَحَلِّهِ أَو مُتهِمِ

فَكَأَنَّما لَولا المَناسِكُ أُشرِكَت
ساحاتُها أَو أوثِرَت بِالمَوسِمِ

وَكَأَنَّهُ مِن مَدحِهِم في رَوضَةٍ
وَكَأَنَّهُم مِن سَيبِهِ في مَقسَمِ

كَلِفٌ بِرَبِّ المَجدِ يَزعُمُ أَنَّهُ
لَم يُبتَدَأ عُرفٌ إِذا لَم يُتمَمِ

نَظَمَت لَهُ خَرَزَ المَديحِ مَكارِمٌ
يَنفُثنَ في عُقَدِ اللِسانِ المُفحَمِ

في قُلِّهِ كُثرُ السِماكِ وَإِن غَدا
هَطِلًا وَعَفوُ يَديهِ جُهدُ المِرزَمِ

خَدَمَ العُلى فَخَدَمنَهُ وَهيَ الَّتي
لا تَخدُمُ الأَقوامَ ما لَم تُخدَمِ

وَإِذا انتَمى في قُلَّةٍ مِن سُؤدَدٍ
قالَت لَهُ الأُخرى بَلَغتَ تَقَدَّمِ

ما ضَرَّ أَروَعَ يَرتَقي في هِمَّةٍ
عَلياءَ أَلّا يَرتَقي في سُلَّمِ

يَأبى لِعِرضِكَ أَن يُغادَرَ عُرضَةً
ما حَولَهُ مِن مالِكِ المُستَلحَمِ

إِنَّ التِلادَ عَلى نَفاسَةِ قَدرِهِ
لا يُرغِمُ الأَزَماتِ ما لَم يُرغَمِ

لا يُستَطالُ عَلى الخُطوبِ وَلا تُرى
أُكرومَةٌ نِصفًا إِذا لَم يُظلَمِ

وَصَنيعَةٍ لَكَ ثَيِّبٍ أَهدَيتَها
وَهيَ الكَعابُ لِعائِذٍ بِكَ مُصرِمِ

حَلَّت مَحَلَّ البِكرِ مِن مُعطىً وَقَد
زُفَّت مِنَ المُعطي زِفافَ الأَيِّمِ

لِيَزُدكَ وَجدًا بِالسَماحَةِ ما تَرى
مِن كيمِياءِ المَجدِ تَغنَ وَتَغنَمِ

إِنَّ الثَناءَ يَسيرُ عَرضًا في الوَرى
وَمَحَلُّهُ في الطولِ فَوقَ الأَنجُمِ

وَإِذا المَواهِبُ أَظلَمَت أَلبَستَها
بِشرًا كَبارِقَةِ الحُسامِ المِخذَمِ

أَعطَيتَ ما لَم تُعطِهِ وَلَوِ انقَضى
حُسنُ اللِقاءِ حَرَمتَ ما لَم تَحرُمِ

لَقُدِدتَ مِن شِيَمٍ كَأَنَّ سُيورَها
يُقدَدنَ مِن شِيَمِ السَحابِ المُرزِمِ

لَو قُلتُ حُصِّلَ بَعضُها أَو كُلُّها
في حاتِمٍ لَدُعيتُ دافِعَ مَغرَمِ

شُهِرَت فَما تَنفَكُّ توقِعُ بِاسمِها
مِن قَبلِ مَعناها بِعُدمِ المُعدِمِ

إِنَّ القَصائِدَ يَمَّمَتكَ شَوارِدًا
فَتَحَرَّمَت بِنَداكَ قَبلَ تَحَرُّمي

ما عَرَّسَت حَتّى أَتاكَ بِفارِسٍ
رَيعانُها وَالغَزوُ قَبلَ المَغنَمِ

فَجَعَلتُ قَيِّمَها الضَميرَ وَمُكِّنَت
مِنهُ فَصارَت قَيِّمًا لِلقَيِّمِ

خُذها فَمازالَت عَلى استِقلالِها
مَشغولَةً بِمُثَقِّفٍ وَمُقَوِّمِ

تَذَرُ الفَتِيَّ مِنَ الرَجاءِ وَراءَها
وَتَرودُ في كَنَفِ الرَجاءِ القَشعَمِ

زَهراءَ أَحلى في الفُؤادِ مِنَ المُنى
وَأَلَذَّ مِن ريقِ الأَحِبَّةِ في الفَمِ

إرسال تعليق

0 تعليقات