يا ربع لو ربعوا على ابن هموم لـ أبي تمام

يا رَبعُ لَو رَبَعوا عَلى ابنِ هُمومِ
مُستَسلِمٍ لِجَوى الفِراقِ سَقيمِ

قَد كُنتَ مَعهودًا بِأَحسَنِ ساكِنٍ
مِنّا وَأَحسَنَ دِمنَةٍ وَرُسومِ

أَيّامَ لِلأَيّامِ فيكَ غَضارَةٌ
وَالدَهرُ فِيَّ وَفيكَ غَيرُ مُليمِ

وَظِباءُ أُنسِكَ لَم تَبَدَّل مِنهُمُ
بِظِباءِ وَحشِكَ ظاعِنًا بِمُقيمِ

مِن كُلِّ ريمٍ لَو تَبَدّى قَطَّعَت
أَلحاظُ مُقلَتِهِ فُؤادَ الريمِ

أَمّا الهَوى فَهوَ العَذابُ فَإِن جَرَت
فيهِ النَوى فَأَليِمُ كُلِّ أَليمِ

أَمَرَ التَجَلُّدَ بِالتَلَذُّذِ حُرقَةٌ
أَمَرَت جُمودَ دُموعِهِ بِسُجومِ

لا وَالطُلولِ الدارِساتِ أَلِيَّةً
مِن مُعرِقٍ في العاشِقينَ صَميمِ

ما حاوَلَت عَيني تَأَخُّرَ ساعَةٍ
فَالدَمعُ مُذ صارَ الفِراقُ غَريمي

لَم يَبرَحِ البَينُ المُشِتُّ جَوانِحي
حَتّى تَرَوَّت مِن هَوىً مَسمومِ

وَإِلى جَنابِ أَبي الحُسَينِ تَشَنَّعَت
بِزِمامِها كَالمُصعَبِ المَخطومِ

جاءَتكَ في مُعجٍ خَوائِفَ في البُرى
وَعَوارِفٍ بِالمَعلَمِ المَأمومِ

مِن كُلِّ ناجِيَةٍ كَأَنَّ أَديمَها
حيصَت ظِهارَتُهُ بِجِلدِ أَطومِ

تُنئي مِلاطَيها إِذا ما استُكرِهَت
سَعدانَةً كَإِدارَةِ الفُرزومِ

طَلَبَتكَ مِن نَسلِ الجَديلِ وَشَدقَمٍ
كومٍ عَقائِلُ مِن عَقائِلِ كومِ

يَنسَينَ أَصواتَ الحُداةِ وَنَبرَها
طَرَبًا لِأَصواتِ الصَدى وَالبومِ

فَأَصَبنَ بَحرَ نَداكَ غَيرَ مُصَرَّدٍ
وِردًا وَأُمَّ نَداكَ غَيرَ عَقيمِ

لَمّا وَرَدنَ حِياضَ سَيبِكَ طُلَّحًا
خَيَّمنَ ثُمَّ شَرِبنَ شُربَ الهيمِ

إِنَّ الخَليفَةَ وَالخَليفَةَ قَبلَهُ
وَجَداكَ تِربَ نَصيحَةٍ وَعَزيمِ

وَجَداكَ مَحمودًا فَلَمّا يَألُوا
لَكَ في مُفاوَضَةٍ وَلا تَقديمِ

مازِلتَ مِن هَذا وَذَلِكَ لابِسًا
حُلَلًا مِنَ التَبجيلِ وَالتَعظيمِ

نَفسي فِداؤُكَ وَالجِبالُ وَأَهلُها
في طِرمِساءَ مِنَ الحُروبِ بَهيمِ

بِالداذَوَيهِ وَخَيزَجٍ وَذَواتِها
عَهدٌ لِسَيفِكَ لَم يَكُن بِذَميمِ

بِالمُصعَبِيّينَ الَّذينَ كَأَنَّهُم
آسادُ أَغيالٍ وَجِنُّ صَريمِ

مِثلُ البُدورِ تُضيءُ إِلّا أَنَّها
قَد قُلنِسَت مِن بَيضِها بِنُجومِ

وَلّى بِها المَخذولُ يَعذِلُ نَفسَهُ
مُتَمَطِّرًا في جَيشِهِ المَهزومِ

راموا اللَتَيّا وَالَّتي فَاعتاقَهُم
سَيفُ الإِمامِ وَدَعوَةُ المَظلومِ

ناشَدتَهُم بِاللَهِ يَومَ لَقيتَهُم
وَالخَيلُ تَحتَ عَجاجَةٍ كَالنيمِ

وَمَنَحتَهُم عِظَتَيكَ مِن مُتَوَعِّرٍ
مُتَسَهِّلٍ قاسي الفُؤادِ رَحيمِ

حَتّى إِذا جَمَحوا هَتَكتَ بُيوتَهُم
بِاللَهِ ثُمَّ الثامِنِ المَعصومِ

فَتَجَرَّدَت بيضُ السُيوفِ لِهامِهِم
وَتَجَرَّدَ التَوحيدُ لِلتَخريمِ

غادَيتَهُم بِالمَشرِقَينِ بِوَقعَةٍ
صَدَعَت صَواعِقُها جِبالَ الرومِ

أَخرَجتَهُم بَل أَخرَجَتهُم فِتنَةٌ
سَلَبَتهُمُ مِن نَضرَةٍ وَنَعيمِ

نُقِلوا مِنَ الماءِ النَمويرِ وَعيشَةٍ
رَغَدٍ إِلى الغِسلينِ وَالزَقّومِ

وَالحَربُ تَعلَمُ حينَ تَجهَلُ غارَةٌ
تَغلي عَلى حَطَبِ القَنا المَحطومِ

أَنَّ المَنايا طَوعُ بَأسِكَ وَالوَغى
مَمزوجُ كَأسِكَ مِن رَدىً وَكُلومِ

وَالحَربُ تَركَبُ رَأسَها في مَشهَدٍ
عُدِلَ السَفيهُ بِهِ بِأَلفِ حَليمِ

في ساعَةٍ لَو أَنَّ لُقمانًا بِها
وَهوَ الحَكيمُ لَصارَ غَيرَ حَكيمِ

جَثَمَت طُيورُ المَوتِ في أَوكارِها
فَتَرَكنَ طَيرَ العَقلِ غَيرَ جُثومِ

وَالسَيفُ يَحلِفُ أَنَّكَ السَيفُ الَّذي
ما اهتَزَّ إِلّا اجتَثَّ عَرشَ عَظيمِ

مَشَتِ الخُطوبُ القَهقَرى لَمّا رَأَت
خَبَبي إِلَيكَ مُؤَكِّدًا بِرَسيمِ

فَزَعَت إِلى التَوديعِ غَيرَ لَوابِثٍ
لَمّا فَزَعتُ إِلَيكَ بِالتَسليمِ

وَالدَهرُ أَلأَمُ مَن شَرَقتَ بِلَومِهِ
إِلّا إِذا أَشرَقتَهُ بِكَريمِ

أَهبَبتَ لي ريحَ الرَجاءِ فَأَقدَمَت
هِمَمي بِها حَتّى استَبَحنَ هُمومي

أَيقَظتَ لِلكَرَمِ الكِرامَ بِناطِقٍ
لِنَداكَ أَظهَرَ كَنزَ كُلِّ قَديمِ

وَلَقَد نَكونُ وَلا كَريمَ نَنالُهُ
حَتّى نَخوضَ إِلَيهِ أَلفَ لَئيمِ

فَسَنَنتَ بِالمَعروفِ مِن أَثَرِ النَدى
سُنَنًا شَفَت مِن دَهرِنا المَذمومِ

وَسَمَ الوَرى بِخَصاصَةٍ فَوَسَمتَهُ
بِسَماحَةٍ لاحَت عَلى الخُرطومِ

جَلَّيتَ فيهِ بِمُقلَةٍ لَم يُقذِها
بُخلٌ وَلَم تُسفَح عَلى مَعدومِ

يَقَعُ انبِساطُ الرِزقِ في لَحَظاتِها
نَسَقًا إِذا وَقَعَت عَلى مَحرومِ

وَيَدٍ يَظَلُّ المالُ يَسقُطُ كَيدُهُ
فيها سُقوطَ الهاءِ في التَرخيمِ

لا يَأمَلُ المالُ النَجاةَ إِذا عَدا
صَرفُ الزَمانِ مُجاءَةً بِعَديمِ

قُل لِلخُطوبِ إِلَيكِ عَنّي إِنَّني
جارٌ لِإِسحاقَ بنِ إِبراهيمِ

إرسال تعليق

0 تعليقات