من الدفتر السري الخصوصي لإمام المغنين -۱- لـ مظفر النواب

الليل كمستنقع فجر يتبخر بالأبنوس
يمسح بالماء الفسقي على جسدي الخامل
وعلى الجوسق من زنديك
أعض بنفسجتي
وأصابع كفي تموء على الدفء البشري
وفير لحمك يزداد معاشرة
وبرودات الموت تراودني
تلقي كفي على كفيك
فنسي نعشا يجمع كل ثياب الأعراس
ونهوي في عبق
عبق
عبق
عبق
ومن الكوة تنبجس الشمس
وتدفع فوق الجسدين النكهين
كفاكهة ناضجة
أكداس ندي ملتهب
والقوس الذهبي الصرف
يكاد يمضي جديلتك الخضراء
فتقدح فارسة في الليل
ويفتح في الوعي نظام من ألق
ألق
ألق
واضج كمستنقع فجر
يتبخر بعد صلاة الشهوة بالأبنوس
هذي اللحظة من لحظات التدنيس الطاهر
في الفردوس
لولا ندم ساور آدم بعد ضياع الجنة
لا ندمل الجرح الطازج في حواء
وكانت جنة وحشته
والنهر أضاء كفانوس الزفة في المطر
وترنم هذا المتوتر بالنبلة والقوس
ما أصعب عودة هذا الحيوان المتكبر
فوق سرير العرس
بفروته صوب رحاب الفردوس
ياآدم بهيما والليل بهيم
خلصت صحراء العشق
فإن هامت الآن
فأين أهيم
والسرطان الكوني يقلي أحجار الياقوت بعينيه
ونهر الروح يضج بزلزال منقرض
ومراهقة لبح اللّه النور على رفغيها
في فرح
وتشهى أن يبدع في غمازتها لثلاثين ضحى
وأتم الإبداع في وخزة ليل
تفرو من غير مواعيد عسلا
ولكم أعمى بين طيور الأيل والطير علي
غشيتني غاشية الرؤيا
لأتم اللحن الملكوت بأوتار مقطعة
يا من سمع لحن الألحان بلا وتر
والخمر تدار بدون نديم
والليل بهيم
والروح سديم ضد سديم
في الليل سألتك يا رب القيثارة
إن ترخى للكسل العذب مفاتيحي
أتعبني لغط أصابعك الغولية
بالشجن الديني علي
والحالك أغواني
وتساقط نار الأحزان على خشب أحرقني
ووقف حزينا
لا يشبهني إلا الناي
أروح الروح تعبا يا مولاي
الناقة خاملة
ونشاط الروح تثبط مرات
وقدحت حصاتين طوال الليل فما اتقد العشق
ولا اشتد حماس الروح
إياك الصبر علي
وثوبك يكشف أكثر مما كنت أبوح
فلماذا تبكي إذا خمد الموقد واكتظ رمادا مثلي
وتدفق عيناك كحوصلتي قبر تين تشفان بهجرة صامتتين
أنا بيتك... إني في الليل مغطى بالقرميد
سأكون الليلة ملكك
أما بعد الليلة فالنجم يكون بعيد
قلبت كتاب الموت وكان على الفصل الأول اسمي
يتتوج بالزهر الأسود والهجر
وعلى آخر فصل اسمك.. تاء طفلة شقراء
وتحت طقوس التعميد
سأكون الليلة
ملكك صرفا
أما بعد الليلة فالنجم يكون بعيد
وقبل نهوض الغسق الأزرق
نفتح كفيا العرقين قليلا فقليلا
كالكهف
ونهوي الريح وأصوات البحر
وهسهسة الغيب المجهول
وأنفك يرضع فوق قميصي
بعد قليل تبدأ أشرعتي
ما عدا المكث يلاءم روحي
لا ترتعبي..
فأنا أرسم فوق الثياب الملتاعة
فوق خبايا جسمك كل جروحي
أرسم في دفترك المسودة كل جروحي
لا أبقي جرحا واحدا لي
أنت المالكة الآن... وعيدك يملأ كل الأعياد
في الصبح أنا للناس
وفي الليل أنا للمطلق
ماذا أفعل
لا يشفع لي جسدي
فماذا أفعل
وقميصي بيرق مقبرة للضجرين
ومأوى لعصافير ليس لها في الأرض بلاد
وعيوني قبابر حمراء مبللة
حنجرتي تتذوق كل الأبعاد
هل عمرك ذاق لسانك طعما واحدا للبعد
فمن أنت
لماذا التشنج
لماذا صوتك كصوت قطاه في البر
عشيا تسمع قصة ذئب
أتخافين من النجم القطبي
أتخافين من الريح وراء الشباك
أتخافين دلافين البحر
أخاف أنا
وأغالب هذا الخوف بتحريك اللذة في زندي
فتمسي الفقرات إذ ذاك نيازك حمراء
وخضراء وسوداء
أصير مفاعل ذري أكتظ مواعيد
ونكبات وتوابيت
لقفل باب الوهم عشية غادرت سريرك
يا سيدة الوهم فأين أبيت
موت واحد علمني الدنيا
ونبي واحد علمني الإلحاح
وحمل قناديل الرؤيا
أراني الدرب السري لحصن الموت
فما أتلفت في جدل في الليل
كما إذ ذلك قناديلي
رأيت وجودها في البئر الروحي
هتفت..
إذن سأراكم
فاختلج البئر وغابوا
فتح الباب ..
وتم طلاسم فوق الباب
طيور من فضة سوداء
يتابعهن عقاب
وكان هنالك دهليز غموض ينزل في الغيب الموحش
ثم يضيق ويلتف دهاليز
هنالك عليت وعلق فوق عظام لغريب كفني
نهشتني أنياب لا فك لهن
تركن تسوسهن قريبا من حزن الروح
وماجة في العفن الزفرة
عناكب تتناكح فوق وجوه الموتى
تثقب جفناي بيوتا للنمل الأحمر فاستأنست
لأن العالم أكثر من ذلك عذبني
ونزلت وكانت ظلمة روحي تكتظ
وتنكشط الأعماق بخوف من أزرق لازمي
ببنفسج أبيض سري
مؤتلقا في حلقات ينطق وصلا و عناقا
وعتاب زمان طال بلا تجربة
والتف الهمس علي كزند عروس
عبق.. دبق .. عرق..
كشف المحجوب
وحمحم في الزمن المغلي حصان أبيض
طفل عسلي الذيل

إرسال تعليق

0 تعليقات