أدمشق ما للحسن لا يعدوك لـ خليل مردم بك

(أَدمشق) ما للحسن لا يعدوك
حتى خصصتِ به بغير شريكِ

أَشغفته حبًا وَتمتِ فؤادَه
فغدا بكل طريفةٍ يصفيكِ

سبحانَ من أَعطاكِ أَشهد أَنّه
وَفّى وَزادَ بسيبه معطيكِ

فبرزتِ للأَبصارِ أَروَعَ مظهرٍ
في الحسنِ وَالإِبداعِ عن باريكِ

الحبُ برّحَ بي وَأَنتِ بعثتِه
أَإِليك أَشكو الحبَّ أَم أَشكوك

فقْتِ الحواضرَ وَالبلادَ بنسبةٍ
من (قاسيون) إِلى الذرى تنميكِ

يا بنت مَنْ طال السها أُيتيمة
في الحسن وَهو معمَّر يفديكِ

شابتْ مفارقُهُ وَجلَّلَ رأسَه
صلعٌ فزدتِ جلالةً بأَبيكِ

فكأَنه أَسدٌ بقربك رابضٌ
من دهره وصروفه يحميك

يا مهبطَ السحرِ الحلال أَلم يكنْ
(حسَّان) ينشي سحرَه من فيكِ

رُدّيتِ من زهرِ الرياضِ مطارفًا
ما بين محلولٍ إلى محبوكِ

فكأَنما الأشجارُ فيك عرائس
ماستْ بكل منمنمٍ وَمحوكِ

وكأَنما (بردى) سبائكُ فضةٍ
تجري عَلَى درٍّ بها مسلوكِ

وكأَنما حصباؤه وَبريقها
عقدُ من الألماس في هاديكِ

وإِذا الغزالةُ غازلتكِ بسمتِ عن
ثغرٍ بأَزهارِ الرياضِ ضحوكِ

أَهدتْ إِليكِ التاجَ حين بزوغِها
فلبستِه من عَسْجدٍ مسبوكِ

وَإِذا ارتديتِ من الليالي حلّةً
سوداءَ تشبه حلةَ البطريكِ

فالنجمُ أَزرارٌ وَثاقبُ شهبها
نثرتْ عليكِ كدرهمٍ مسكوكِ

وَإِذا الرياضُ تَنَفَسّتْ في سحرةٍ
فغمت رباكِ بعنبرٍ مسحوكِ

يا حبذا الأَطيارُ وَهي سواجعٌ
فكأَنها الشعراءُ إِذْ وَصفوكِ

(الغوطتان) وَأَنت مثل جزيرةٍ
بحرانِ يلتطمانِ في شاطيكِ

وَ (الغوطتان) وَأَنتِ بدرٌ ساطع
لكليلةٍ ظلماء ذات حلوك

كم من زكيِّ دمٍ وَنفسٍ حرّةٍ
فاضا لوصلِكِ في حمى (اليرموك)

(عمر) الذي وَطئتْ سنابكُ خيله
(إِيوانَ كسرى) قد ترجّلَ فيكِ

رفعتْ (أُميةُ) فيك أَعظمَ دولةٍ
كانت قواعدَها سيوفُ بنيكِ

كم من شموسٍ ليس يغرب نورها
من (عبد شمس) ضمَّها ناديكِ

تهوي قلوبهمُ إليكِ صبابةً
لولا مشاعرُ (مكةٍ) حجّوكِ

لولا حمى (البيت الحرام) وَشطره
عند الصلاةِ وجوههم وَلُّوكِ

لو لم يكونوا بعدُ في فجر الهدى
وَرأَوا جمالكِ فتنةً عبدوكِ

وَسللت من موسى حسامًا فيصلًا؟
قد كان مغمده (لو ذريك)؟

وَرمتْ (بصقر الدينِ) دونكِ باذلًا
نفسًا يُضَنُّ بمثلها ليقيكِ

وَظللتِ خالصةَ العروبةِ حينما
أُخذت بنوك بمحنة (التتريكِ)

وَتطهّرتْ أَنسابُ من قطنوكِ من
دعوى أَخي (السريان) وَ (الفينيكي)

أَوَ ما عتبتِ عَلَى الزمانِ وَريبه
أَمسى بكل رزيةٍ يرميكِ

فرأَيتِ من سعدِ الزمان وَنحسه
عزَّ المليكِ وَذلَة المملوكِ

وَجرتْ جوارٍ بالنحوسِ وَلم تكنْ
إِلاّ بأَسعدِ طالِع تأْتيكِ

إِني أَرى (بردى) تفيضُ عيونهُ
بدموعِها حزنًا عَلى ماضيكِ

وَأَرى هضابَكِ كالقبورِ غدا بها
من كلِّ غصنٍ نادبٌ يرثيك

وَإِذا الرياحُ تناوَحتْ ناحتْ عَلَى
حرمِ مباحٍ أَو حمىً مهتوكِ

حقُ الملاحة أنْ تصانَ وَما أَرى
أَهليك هذا الحق قد وَفّوكِ

في (ميسلون) أَسى يطول وَحسرةٌ
عانيهما ما كان بالمفكوكِ

لم أَدرِ يومئذ أَمْنْتَدَبُوكِ أَمْ
أَهلوكِ أَم حكّامهم وَتروكِ

ما أَنس لا أَنس السماءَ وَقد غدتْ
في شهر (آب) بوبلها تبكيكِ

وَبدا احمرارٌ في صفاءِ أَديمها
فكأَنه شكوى الدم المسفوكِ

وَتزاوَرتْ شمسُ النهار عن الحمى
فكأنها في الظهرِ ذات دلوكِ

قالوا اتركِ الذكرى وَلو طاوَعتهم
ما كنتُ منها قطّ بالمتروكِ

أنا لست أَعني بالسياسة إِنما
هي نفثةٌ من ذي جوى منهوكِ

إرسال تعليق

0 تعليقات