نهضت من كل أوب تلتقي (غزوة بني المصطلق) لـ أحمد محرم

نهضتْ من كلِّ أوبٍ تلتقي
فاحذروها يا بَنِي المصطلقِ

إحذروها غارةً ملمومةً
يَتّقِي أهوالَها مَن يتقي

لا تظنّوا جمعَكم كُفؤًا لها
حينَ تَمضِي في العجاجِ المُطبقِ

سرِّحوا الجيشَ وكُفُّوا إنّها
مَصرعُ الجيش وحَتفُ الفيلقِ

نعق الحارثُ يدعوكم إلى
أن تبيدوا ليته لم يَنعَقِ

لا يغرَّنْكم رَسُولٌ جاءكم
مُبغض القلب محب المنطقِ

يا رسول الصدق ماذا جمعوا
لذوي البأسِ وأهلِ المصدقِ

الأُلَى تَتَّسِعُ السُّبلُ بهم
للمنايا في المجالِ الضيّقِ

يخفق النصرُ على أعلامِهِم
إن تَرَدَّى كلُّ جيشٍ مُخفقِ

ما يبالون المنايا النُّكر في
مُرعدٍ من هولها أو مُبْرِق

لأبي بكرٍ وسعدٍ نظرةٌ
بعد أخرى كالشُّواظِ المُحرقِ

في اللّوائَيْنِ ضياءٌ منهما
واضحُ المطلعِ طَلقُ المَشرِقِ

وعلى الفاروقِ من إيمانه
ما على صَمصامِهِ من رونقِ

وعليٌّ وابن عمّارٍ هما
عُدَّةُ الحربِ لهولِ المأزق

يترامى القائدُ الأعلى بهم
في عُبابٍ للمنايا مُغرِق

جاش فيه كلُّ زخَّارِ القُوى
يرتقِي من لُجّهِ ما يَرتَقي

خيرُ خلقِ اللَّهِ في شِكَّتهِ
يمتطي خيرَ العِتاقِ السُبَّقِ

سُحِرَ القومُ ومن آياتِهِ
رُقيةُ السِّحْرِ وَطِبُّ الأولق

نزل الذكرُ عليه فانطوى
مُصحفُ الحِبْرِ وسِفْرُ البطرقِ

وَسِعَ الكُتْبَ جميعًا وَوَعَى
مِن سَناها كلَّ معنىً مونِقِ

علّم الدنيا الهدى فيما مضى
وهو خيرٌ هاديًا فيما بقي

عربيٌّ فتحت آياتُهُ
كلَّ بابٍ للمعاني مُغلَقِ

في أَسالِيبَ حِسَانٍ غَضَّةٍ
وفُنُونٍ حُرّةٍ لم تُطْرَقِ

نَفَحاتُ الحقِّ في أبهى الحلى
من رياحين البيانِ المورِقِ

نهض الفاروقُ يدعوهم إلى
مِلّةِ الخيرِ دُعاءَ المُشفِقِ

فأبى القومُ وقالوا دينُنا
إنْ نَدَعْهُ لِسواهُ نَفْسُق

ومشى جاسوسُهم يبغِي الأذى
فمشى عِزريلُه في المفرق

قيل أسلِمْ قال لا فاحتقبتْ
نَفسُه إثمَ الغويِّ الأحمق

يا أبا بَرَّةَ ليس البرُّ أن
تتولّى فاتّئدْ واستوثِقِ

أفَمن يعتِقُ من رِقِّ الهوى
أنفُسَ النّاسِ كمن لم يُعتَق

يا أبا برَّةَ لا تَأْبَ الهدى
وبمن حولكَ فارأفْ وارفق

قلتُم الحربُ وقتلاها وما
هِي بالأمرِ الأحبِّ الأخلق

وتوالى النَّبلُ يَهمِي صَوْبُهُ
فَوَقَ صوبٍ من نجيعٍ مُهرَق

إذ يَقُولُ اللَّهُ في عليائِهِ
لرسولِ اللَّهِ سَدِّدْ وارشُقِ

قادةٌ ما صادفوا أكفاءَهم
وجنودٌ مِثلُها لم يُخلَقِ

ذُعِرَ الجمعُ فلو أنّ القطا
طار في آثارِهِ لم يَلحقِ

صَدَّ عن ظمأى العوالِي ولَوى
كلَّ صَبٍّ في المواضِي شَيِّق

فُجِعُوا في النَّهبِ والسَّبْيِ معًا
وسُقُوا أَسْوَأَ شِرْبِ المُسْتَقِي

نَعِمَتْ بَرَّةُ ماذا تشتكِي
من أسىً بَرْحٍ وهمٍّ مُقلِقِ

يا ابنَةَ الحارِثِ طِيبي وانعمي
أيُّ رزقٍ صالحٍ لم تُرزَقي

ذاك جوُّ المجدِ وضّاحُ السَّنا
حَلِّقي ما شئتِ فيهِ حَلِّقي

اصطفاكِ اللَّهُ فيمن يَصطَفي
وانتقَى بَيتَكِ فيما ينتقي

واحتوى التَّاجُ المحلَّى دُرَّةً
منكِ مَن يلمحْ سناها يُطرِق

فارقي أسرَ ابن قيسٍ واشكري
يا ابنةَ الحارثِ فضلَ المُطلِقِ

اللُّبابِ المحضِ من رُسلِ الهدى
منذ كانوا والصَّميمِ المُعرقِ

حَطَّ عنكِ الإصْرَ بَرًَّا ورثى
لك من ضُرٍّ شديدٍ مُرهقِ

وَرَعى حقَّكِ لا يبغِي سوى
أن تكوني بالمحلِّ الأليق

إرسال تعليق

0 تعليقات