يا سَعدُ لَو كُنتُ اِمرءًا مَسعودا
ما كانَ صَبري في النَوى مَفقودا
وَسَهِرتُ أَرتَقِبُ النُجومَ كَأَنَّني
في الأُفقِ أَطلُبُ لِلحَبيبِ عُهودا
وَأَعُدُّ أَيّامَ الجَفاءِ مُعدّدًا
حَتّى مَللتُ الحُزنَ وَالتَعديدا
قولوا لِمَن ملكَ الفؤادَ بِأَسرِهِ
فَغَدا بِقَيدِ غَرامِهِ مَصفودا
هَلّا مَنَنتَ عَلى أَسيركَ بِاللِقا
لِيَنالَ في دارِ الوِصالِ خُلودا
وَبثغركَ الماءُ الزُلالُ فَما لَهُ
ما كانَ للظامي بِهِ مورودا
وأَسَرتَهُ وَحُجِبتَ عَنهُ فَيا له
وَهوَ الشَقيُّ مقرّبًا مَطرودا
أَهوى الَّذي أَقسَمتُ أَنّي لا أَعي
في حُبِّهِ لَومًا وَلا تَفنيدا
مَلكَ الفؤادَ وَساقه لِهَلاكِهِ
فرأيت منّا سائِقًا وَشَهيدا
لا عَطفَ لي مِنهُ وَلا أَبغي بِهِ
بَدَلًا وَأَكّدتُ الهَوى تَأكيدا
وَإِذا بَدا ذابَ الفؤادُ صَبابَةً
وَالشَمسُ ما زالَت تُذيبُ جَليدا
وَإِذا نَظَرتَ إِلى اللِحاظِ وَجدتَها
في الفَتكِ بيضًا وَهيَ تُنعَتُ سودا
بِالسَيف يسمى طَرفُهُ فَلَقَد غَدا
بصرُ الحَبيبِ كَما يُقالُ حَديدا
يا قَلب بِالزفراتِ لا تَبخَل وَيا
عينيَّ بالعبراتِ حُزنًا جودا
يا صاحِبيَّ مِنَ الهَوى أَنا واجِدٌ
وَفَقَدتُ صَبري إِذ وَجَدتُ فَقيدا
عودا صَديقَكُما لكي ترياهُ من
بريِ النحولِ لما يُقاسي عودا
حَتّى مَتى أُبدي الوَفاءَ لِغادِرٍ
وَإِلى مَتى أَصِلُ المُحبَّ صدودا
هَيهاتَ صمتُ عَن الغَرامِ فَلَم أُعِد
قَلبي السَليمَ مِن الغوايَةِ عيدا
وَذَمَمتُ مَن يَهوى جَفاءَ محبّهِ
وَسَلَكتُ مَدحًا في النَبيِّ حَميدا
إِصدَح بِمَدحِ المُصطَفى واِصدَع بِهِ
قَلبَ الحَسودِ وَلا تَخَف تَفنيدا
وَاِقصِد لَهُ وَاِسأَل بِهِ تُعطَ المنى
وَتَعيشُ مَهما عشت فيهِ سَعيدا
خَيرُ الأَنامِ ومن لَجا لِجنابِهِ
لا بِدعَ أَن أَضحى بِهِ مَسعودا
المُجتَبى الهادي الَّذي مِنهاجُهُ
حازَ الكَمالَ وَمهَّد التَميهدا
قَد خُصَّ بِالتَقريبِ بالإِسراءِ إِذ
عادَ الَّذي عادى الحَبيبَ بَعيدا
وَسَما فأُبصِرَتِ السَما مِن دونِهِ
أَرضًا وَحازَ بِهِ الصُعودُ سُعودا
وَعَلا مَحلًّا دونَهُ جِبريلُ قَد
أَمسى وَقَد وَرَدَ الحَبيبُ مذودا
بِالحَقِّ أَرسَلَهُ الإِلَهُ إِلى الوَرى
فَغدَا المُطيعُ لما يَقولُ رَشيدا
وَثَنى عَن الغيّ العِبادَ لِرُشدِهِم
إِلّا شَقيًّا هالِكًا وَعَنيدا
كَم شَيخِ إِشراكٍ مَضى في غَيِّهِ
وَغَدا لِشَيطانِ الضَلالِ مريدا
وَطَغى وَمَدَّ لَهُ الرَجيمُ بِشركِهِ
شرَكًا فعاد بِعَكسِهِ مَطرودا
وَلَكم فَتى لاحَ الرشادُ لَهُ رَجا
بنبيّهِ وَعدًا وَخافَ وَعيدا
نالَ الأَمانَ المؤمِنونَ بِهِ إِذا
شَبَّت جِهَنَّمُ بِالطُغاةِ وَقودا
يردونَ إِذ ظَمِئوا عَلى الحوضِ الَّذي
يَروي الغَليلَ فَيا لَهُ مورودا
وَهوَ المشَفّعُ في العُصاةِ إِذا طَمى
عَرَقٌ وَأَلجَمَ في الورودِ وَريدا
يأتي لِساقِ العَرشِ يَسجُدُ سائِلًا
لِلَّهِ فينا حبّذاكَ سُجودا
وَعَلَيهِ يَفتَحُ رَبُّهُ بمحامِدٍ
لَم يُعطِ خلقًا ذَلِكَ التَحميدا
وَيَقولُ قُل تسمَع وَسَل تُعطَ المنى
وَاِشفَع تُشَفَّع وَاِنتجِز مَوعودا
فَهُناكَ يَشفَعُ في الوَرى مِن مَوقِفٍ
لا تَرتَجي العَينان فيهِ هُجودا
ذاكَ المقامُ بِهِ يُخَصُّ مُحَمَّدٌ
وَالرُسلُ فيهِ يَحضُرونَ شُهودا
ثُمَّ الشَفاعَةُ في العُصاةِ فَإِنَّهُ
فيهِ المقدَّمُ لا يَخافُ ردودا
والأنبيا نَطَقوا بِحَمدِ مَقامِهِ
وَمَقامُ أَحمَدَ لَم يَزَل مَحمودا
يا سَيِّدَ الرُسلِ الَّذي فاقَ الوَرى
بأسًا سَما كُلَّ الوجودِ وجودا
هذي ضَراعَةُ مُذنِبٍ مُتَمَسِّكٍ
بِوَلائِكُم مِن يَومِ كانَ وَليدا
يَرجو بِكَ المَحيا السَعيدَ وَبَعثَهُ
بَعدَ المَماتِ إِلى النَعيمِ شَهيدا
صَلّى عَلَيكَ وَسَلَّم اللَهُ الَّذي
أَحيا بِكَ الإِيمانَ وَالتَوحيدا
والآل ما هَبَّ النَسيمُ فَحَلَّ مِن
أَزرارِ أَزهارِ الربى المَعقودا
وَعلى صَحابَتِكَ الَّذينَ سموا عُلىً
وَهُدىً وَآباءً رقوا وَجدودا
مِن مَعشَرٍ كانوا الأَئمّةَ لِلوَرى
فاقوا البَريَّةَ سَيِّدًا ومسودا
فَإِذا سَخَوا كانوا البِحارَ وَإِن سَطوا
كانوا الأسودَ أَو السُراة الصيدا
ما طُوِّقَت مُدّاحُهُم بِحَلاهُمُ
فلأجلِ ذَلِكَ لازَموا التَغريدا
وَعلى الأُلى تبعوا بإِحسانٍ ومن
حفظَ الشَريعةَ شاهِدًا مَشهودا
مِن كُلِّ حَبرٍ تابِعٍ سنَنَ الهُدى
وَلّى عَلى أثرِ الهُداةِ حَميدا
مِثل البُخاري ثُمَّ مُسلِمٍ الَّذي
يَتلوهُ في العليا أَبو داودا
فاقَ التَصانيفَ الكِبارَ بِجَمعِهِ ال
أَحكامَ فيها يَبذُلُ المَجهودا
قَد كانَ أَقوى ما رأى في بابِهِ
يأتي بِهِ وَيحرّرُ التَجويدا
فَجَزاهُ عَنّا اللَهُ أَفضَلَ ما جَزى
مَن في الديانَةِ أَبطلَ التَرديدا
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى النَبيِّ وَآلِهِ
أَبَدًا إِلى يَومِ الجَزاءِ أَبيدا
0 تعليقات