كذلك يشقى الجامح المتعسف (ثابت بن قيس) لـ أحمد محرم

كذلك يَشقى الجامحُ المتعسِّفُ
ويركبُ متن الظُّلمِ مَن ليس يُنصِفُ

يَموتُ بِسُوءِ الرأيِ مَن ساءَ خُلقه
وللمرءِ ذِي التقوى عن الغَيِّ مَصْرَفُ

أضاعَ الزبيرُ الأمرَ والأمرُ مُقبِلٌ
وآثر حَدَّ السَّيْفِ والسَّيفُ يَصدُفُ

سَعَى ثابتٌ يَجزِيه سالِفَ صُنعِه
لَدَى مُحسنٍ يُسدِي الجميلَ ويَعطفُ

فقال رَسولَ اللهِ جئتُكَ شافعًا
لشيخٍ دعاني ضارعًا يتلهّفُ

حباني دمي يوم البعاث وفكَّني
وتلك يد بيضاء للشيخِ تُعرفُ

فَهَبْهُ رسولَ اللهِ لي إنّني به
على ما ترى من شأنهِ لَمُكَلَّفُ

فقال فعلنا ثم عادَ شَفِيعُه
يُبَشِّرُه بالعفوِ والشيخُ يَرجُفُ

فَجدَّ له في المُحسنِ السَّمحِ مَطمعٌ
وقال حَياةٌ شرُّها ليس يُوصَفُ

بنيَّ وأهلي ليس لي إن فقدتُهم
سِوى الموتِ إنّي عن حياتي لأعزِفُ

فلما تسنَّى الأمرُ قال لثابتٍ
أنَبقى بلا مالٍ فَنَشقَى ونتلَفُ

وجادَ رسولُ اللهِ بالمالِ رحمةً
وبِرًّا فراحَ الشيخُ يهذِي ويَهرفُ

يسائل عن كعبٍ وساداتِ قومِهِ
ويُطرِي سجاياهم فيغلو ويُسرِفُ

توجَّعَ لمّا قِيلَ ذاقوا حِمامَهم
وقال أُريدُ الموتَ فالعيشُ أخوفُ

خُذِ السَّيفَ واضرب يا ابن قيسٍ فإنّهم
هم الصحبُ مالي بعدهم مُتَخلَّفُ

كفى حزنًا يا صاحبي أن تَضُمّني
ديارٌ بهم كانت تُحَبُّ وتُؤلَفُ

أرِحْنِي أرحني يا ابنَ قيسٍ بضربةٍ
تبيتُ لها نفسي تَرِفُّ وتَنطِفُ

تَزوّدتُ من نَأْيِ الأحبّةِ غُلّةً
فهل أنت للصّادي المعذّبِ مُسْعِفُ

فقال معاذَ اللَّهِ لستُ بفاعلٍ
ومِثْلِيَ يأبَى ما تُريدُ ويأنَفُ

وجاءَ به يلقى الزُّبيرَ على أسىً
يُغالِبُه والموتُ بالشَّيخِ يَهتفُ

وقال اسْقهِ رِيِّ الغليلِ مِنَ الردَى
فطاحَ به ماضي الغِرَارَيْنِ مُرهفُ

فيا لكَ من رأيٍ سفيهٍ ومركبٍ
كريهٍ وخطبٍ فادحٍ ليسَ يُكشَفُ

قَضَى ثابتٌ حَقَّ المروءَةِ وافيًا
وبَرَّ رسولُ اللَّهِ والبِرُّ مجحفُ

ولكنّ شيخَ السُّوءِ أهلكَ نَفْسَهُ
وذُو الجهلِ يُرمَى من يَدَيْهِ ويُقْذَفُ

إرسال تعليق

0 تعليقات