أَعنِ اللّهم من صوَرته من حَزَنِ
أَلِفَ الحزنَ فلو فارقه الحزنُ بكاهْ
وَجفا اللهوَ فلو واصله اللهوُ شكاهْ
نفْسُهُ ليس لها غيرُ الأَسى من سَكَنِ
الأَسى في مقلتيهِ قَدْ مَحا كلَّ ضياءِ
جاعلٌ في مسمعيه كلَّ صوتٍ كالبكاءِ
إِنَّ ما يبصر أَو يسمع داعي الشجنِ
دَرِج الطفلُ إِليه ضاحِكًا مستبشرا
ناشرًا كلتا يديه كالمصّلي كبّرا
أَو كطيرٍ هَمَّ بالإِسفافِ من عَنْ غُصنِ
ضمَّه المحزونُ لا يملك ردّ العبرات
ذاكرًا يومًا وَإِنْ طالَ التراخي فهو آت
تصدعُ الشمّلَ به جوْرًا صروفُ الزمنِ
لو تراه والتي هام بها عند التلاقي
خلتَهُ يلفِظ روحًا بلغتْ منه التراقي
مغمضُ الجفنين للغصَّةِ لا للواسَنِ
قال: لا آسي إِذا لاقيتُ يومًا مصرعي
إِنما أَخشى عَلَى حبيَ أَنْ يودي معي
فاحفظِ اللَّهم هذا الحبَّ واحرسْ وَصُنِ
وَإِذا قبليَ ماتتْ ما عساني أَصنعُ؟
هل يؤدي حقّ حزني أَنْ تفيضَ الأَدمعُ؟
لا وَربّي دون أَن نمسي معًا في كفنِ
ورأَى الظالمَ لا يرقُبُ في المظلوم ذِمَّهْ
فبكى حزنًا لمن عُرّي عن عدلِ وَرحمهْ
وعَلَى من بشديدِ الجورِ والظلم مِني
قال: يا ذا المالِ ما في المال لي من مطمع
أيّ شيءٍ هو أغلى من لآلي الأدمع؟
هل رأَتْ عيناك درًا غيرها في الأعين
فأنا أَملك منها ثروَةً لا تَنفَدُ
وَأَنا إِلاّ بها في كل مالٍ أَزهدُ
وَحدها كم كشفتْ عني ظلالَ المحنِ
لا تردْ مِنّي شعرًا وَلو أَنَّ الشعرَ سحرُ
كلما أَنشدتُ شطرًا فاضَ من روحي شطرُ
يا لروحٍ بين أَبيات له مرتهنِ
نبذَ الأَديانَ يعتدُّ بها كلَّ غبي
وجفا الإسلام لو لم يك دينَ العربِ
فَهُمُ لو عبدوا الأَوثان أَمسى وَثني
ما أَحبَّ العربَ إِلاّ منذ لاقوا المحنا
فَهُمُ قد زرعوا لكنْ سواهم قد جنى
كم لقوا سوءًا بصنعٍ قدَّموه حسنِ
ضاقَ بالأَحزانِ ذرعًا فانتحى الروض النضيرْ
يتغنى بنشيدٍ مثل أَسجاعِ الطيور
نفسُهُ قد نشزتْ معْه ولمّا تنثنِ
وَهزارٍ مع وَرقاءَ عليه عكفا
قال للورقاءِ ما بال أَخي البلوى غفى؟
قالتِ الورقاءُ: بل، يرحمه اللهُ فني
0 تعليقات