إِنَّ الَّذي بِجَحيم الصدّ عذّبني
مذ بان عنّي لَم أظهر ولم أبِنِ
أَستودعُ اللَه بَدرًا حينَ ودّعني
وَسار للسقم وَالتَبريحِ أَودعني
من سرّهُ وَطَنٌ يَومًا أَقام بِهِ
فَإِنَّني ساءَني مِن بَعدِهِ وَطَني
إِنَّ الغَريب الَّذي تنأى أَحِبَّتُهُ
عَن طَرفِهِ لا الَّذي ينأى عَن السَكَنِ
حَبيبُ قَلبي عَلى رغم العذول وَلا
أَشُكُّ أَنّ عذولي فيهِ يَحسُدني
يا صاحبي وَالَّذي أَرجو مودَّتَه
إِنّي اِمتُحِنتُ فساعدني لتسعدني
أَرِّخ بشهرِ سيوفٍ من لواحظه
وَمستَهلِّ دُموعي أَوّل المِحَنِ
وَاِروِ المسلسَل من دَمعي وَعارِضِهِ
بالأوّليّة عَن عشقي وَعَن حَزَني
كالبَدرِ لكن بِلا نقص وَلا كَلَفٍ
في الحسنِ والسنّ والإِشراقِ وَالسننِ
أَخشى عَلَيهِ عيون الناس تنهبه
إِذا بَدا طالِعًا وَالشمس في قرَنِ
تَهتَزُّ كاليَزَنيّ اللَدنِ قامتُه
وَإِنَّما لحظُهُ سَيفُ بنِ ذي يَزَنِ
أَقسمت منهُ بِلُطف في شمائلهِ
أَيمانَ صدق بأَنّي فيهِ ذو شَجَنِ
أَظُنُّهُ لَيسَ يَدري مُنتَهى شجني
عَلَيهِ فَهوَ بغير الوصل يكرِمُني
أَهابُه وَهوَ طلقُ الوَجهِ مبتسِمٌ
فَما أُسائلُه في أَن يواصِلَني
هَذا حَديثي وَحالي وَهوَ منبسِطٌ
فَكَيفَ لَو كانَ بِالتَقطيب قابلني
وَما يَكاد بحسن الوَصل يُطمعني
حَتّى يَعود بقبح الصدّ يوئسني
وَكَم تكلّم في ذمّي يُمازحني
فَلَم تؤخّر لَهُ إِذنًا إِذَن أُذني
لَقَد ضننتُ بِهِ حَتّى ضنيت فإن
ساءلت مُكتفيًا عَنّي يقال ضني
فَقَدتُ طيبَ الكرى مِنه ومن عجبٍ
فَقدي بنيّر وَجهٍ في الدُجى وسني
يا سائقي لِلرَدى جوزيت صالحة
إِذ كنت أمسي شَهيدًا حينَ تَقتلني
وَيا يَدي وَهيَ اليمنى وَيا بصري
لا بَل هوَ النور يَهديني ويرشدني
بك المحبّ منَ الهجرانِ معتصم
فالهَجرُ ليسَ عَلى صَبٍّ بمؤتَمَنِ
سلبتَ نَومي فَإِن لَم تَرعَ لي سهري
فَراعِ طيفَ خَيال منك يطرُقني
أَشكو إِلَيكَ غَرامًا قَد أَمِنتُ لَهُ
فَخانَني وَإِلى التَبريح أَسلَمَني
وَمدمعًا كلّما اِستكتَمتُهُ خبري
لَم يَكتم السرّ من عشقي وَلَم يصُنِ
وجملةُ الأَمر إِن تقنع بجملتهِ
فَإِنّ سرّ غَرامي غَيرُ مكتَمنِ
ساعات قربك في الأَيّام نادرةٌ
وَللضنا خَبَرٌ قَد طال في بَدَني
جِسمي أَخَفُّ مِن الريح العَليلة مَع
أَنّي ثقُلتُ بضعف كاد يَقتلني
وَأَصلُ سقمي من لاحٍ يَرى غلطًا
أَنّي أَرى حسنًا ما لَيسَ بالحسنِ
ومن عذول دنيء لا خَلاق لَهُ
أَدنى إِلى اللوم من طرفٍ إِلى وَسنِ
أَضحى يشرّدني عمّن كلِفتُ بِهِ
ظُلمًا فَكانَ عَلى الحالين شرّدني
كَلَّ اِصطباري لما كُلِّفتُ منه وَقَد
عدِمتُ صبري وَعَزمي حين كلّفني
لا أَبعد اللَه أَحبابي الَّذين شرَوا
رقّ المحبّ بما اِختاروا مِن الثَمنِ
وَلا عدمت لَيالي وصلهم فَبِها
مرحتُ وَهيَ شَبيهُ الروض كالغصُنِ
طابَت خَلائقُهم من صَفوها فَغَدت
تُعزى إِلى عدنَ دَع تُعزى إِلى عدَنِ
كَم قَد تغطّيت من دَهري بظلّهمِ
فعدت لَو رام منّي السوء لَم يرني
وعدت لا أَختشي في الدهر من سقمٍ
إِذ لَيسَ يدرك جسمي ناظر الزمنِ
سَكَنتُ لَيلَ أَمانٍ في ظلال رضىً
فَلَم تَذُق كأسُ طَرفي خمرةَ الوسنِ
فكلّما مرَّ في فكري تذكّرها
ناديت من فرط وَجدي يا أَبا الحسنِ
0 تعليقات