ما دمت في سفن الهوى تجري بي لـ ابن حجر العسقلاني

ما دُمتُ في سُفُنِ الهَوى تَجري بي
لا نافِعي عَقلي وَلا تَجريبي

بَرحَ الخَفاءُ بِحُبِّ مَن ولهي بِهِ
أَورى توقُّدَ مُهجَتي وَلَهيبي

يا عاذِلي أَوَ ما عَلِمتَ بِأَنَّني
لا أَسمَعُ المَكروهَ في المَحبوبِ

طرفي تَنَزَّه في الحَبيب وَمَسمَعي
عَن كُلِّ لَومٍ فيهِ أَو تأنيبِ

دَع عَنكَ ما تَهذي بِهِ عِندي فما
كُلِّفتَ إِصلاحي وَلا تَهذيبي

أَخطأتَ في عَذلي لأَنَّ مُصيبَتي
مِن سَهمِ طَرفٍ لِلفُؤادِ مصيبِ

ما كانَ أَعذبَ مُدَّةً مَرَّت لَنا
إِنّي لأَستَحلي بِها تَعذيبي

أَيّامَ لا رَوضُ الجَمالِ مُمنّعًا
عَنّي وَوردُ الخَدِّ كانَ نَصيبي

أَجني عَلَيهِ وَمِنهُ زَهر تَواصُل
لا أَختَشي مَعهُ دُنُوَّ مريبِ

عُوِّضتُ عَن قُرب نَوى وَعنِ الرِضى
سُخطًا وَما عَهدُ اللِقا بقَريبِ

يا مَن تَوَقَّفَ عَن زِيارَةِ صَبِّهِ
مِن خَوفِ واشٍ أَو حذارِ رَقيبِ

ماذا عَساهُم أَن يَقولوا بَعدَما
قَد أَبصَروا شَجني وَفرطَ نَحيبي

إِلّا إِشاعَتَهُم بِأَنَّكَ قاتِلي
صدقوا فَأَنتَ مُعَذّبي وَحَبيبي

فاِرفق بِمشتاقٍ بِحُبِّكَ مُفرَدٍ
يا صاحِبَ الحسنِ الغَريبِ غَريبِ

لَولاكَ ما قُلتُ اِسكُبي يا مُقلَتي
غَيثًا وَيا كبدي بِنارِكِ ذوبي

وَسقامُ جِسمي بِالبُكاءِ لَقَد نَما
من جريِ نَهرِ مَدامِعٍ وَصَبيبِ

وَضللتُ مَع عِلمي وَدَمعي ما هدا
وَطغى وَلَم تُطفِ الدُموعُ لَهيبي

دَمعي وَحَقِّكَ سائِلٌ قُربَ اللِقا
ماذا يُضرُّكَ أَن تَكونَ مُجيبي

بَيني وَبَينكَ في المَحَبَّةِ نسبَةٌ
فَاِحفَظ عهودَ تَغزّلٍ وَنسيبِ

ما أَنتَ في سعَةٍ وحِلٍّ إِن تَكُن
حَرَّمتَ وَصلَ المغرمِ المَكروبِ

قَد جُرتَ لمّا أَن عَدَلتَ لِغَيرِهِ
عَنهُ فَلَيتَ جَفاكَ بِالتَدريبِ

أَسرَفتَ في هَجري لِعلمِكَ أَنَّني
لَيسَ التَسَلّي عَنكَ مِن مطلوبي

وَاللَهِ ما لي مِن هَواكَ تَخَلُّصٌ
إِلّا بِمَدحِ المُصطَفى المَحبوبِ

الحاشِرِ الرَؤُوفِ الرَحيمِ العاقِبِ ال
ماحي رسومَ الشركِ وَالتَكذيبِ

ذي المُعجِزاتِ فَكُلّ ذي بصرٍ غَدا
لِصَوابها بِالعَينِ ذا تَصويبِ

كَالشَمسِ ضاءَت للأَنامِ وَأَشرَقَت
إِلّا عَن المَكفوفِ وَالمَحجوبِ

وَاِنشَقَّ بَدرُ التَمِّ معجزَةً لَهُ
وَبِهِ أَتاهُ النَصرُ قَبلَ مَغيبِ

وَبِفَتحِ مَكَّةَ قَد عَفا عمّن هَفا
فأتَوهُ بِالتَرغيبِ وَالتَرهيبِ

وَأَزالَ بالتَوحيدِ ما عبدوهُ مِن
صَنَمٍ بِرأيٍ ثابِتٍ وَصَليبِ

وَسَقى الطُغاةَ كؤوسَ حتفٍ عجّلَت
لِلمؤمِنينَ ذهابَ غَيظِ قُلوبِ

لَم يَحتموا مِن ميمِ طَعناتٍ وَلا
أَلِفاتِ ضرباتٍ بِلامِ حُروبِ

نَطَقَ الجَمادُ بِكَفِّهِ وَبِهِ جَرى
ماءٌ كَما يَنصَبُّ مِن أُنبوبِ

وَالعَينُ أَوردَها وَجادَ بِها كَما
قَد رَدَّها كالشَمسِ بَعدَ غُروبِ

وَلَكم مَناقِبُ أَعجَزَت عَن عَدِّها
مِن حافِظٍ واعٍ وَمِن حَيسوبِ

يا سَيّدَ الرُسلِ الَّذي مِنهاجُهُ
حاوٍ كَمالَ الفَضلِ وَالتَهذيبِ

أسرى بِجسمِكَ لِلسَماءِ فَبشَّرَت
أَملاكها وَحبَتكَ بِالتَرحيبِ

فَعَلَوتَ ثُمَّ دَنَوتَ ثُمَّ بَلَغتَ ما
لا يَنبَغي لِسواكَ مِن تَقريبِ

وَخُصصتَ فَضلًا بِالشَفاعَةِ في غَدٍ
وَمَقامِكَ المَحمودِ وَالمَحبوبِ

وَالأَنبياءُ وَقَد رُفِعتَ جَلالَةً
في الحَشرِ تَحتَ لِوائِكَ المَنصوبِ

يَحبوكَ رَبُّكَ مِن مَحامِدِهِ الَّتي
تُعطى بِها ما شِئتَ مِن مَطلوبِ

وَيَقولُ قُل تَسمَع وَسَل تُعطَ المُنى
واِشفَع تَشَفَّع في رَهينِ ذُنوبِ

فَاِشفَع لِمادِحِكَ الَّذي بِكَ يَتَّقي
أَهوالَ يَومِ الدينِ وَالتَعذيبِ

فلأَحمَدَ بنِ عَليٍّ الأثريّ في
مأهولِ مَدحِكَ نَظمُ كلّ غَريبِ

قَد صَحَّ أَنَّ ضَناهُ زادَ وَذنبهُ
أَصلُ السقامِ وَأَنتَ خَيرُ طَبيبِ

صَلّى عَلَيكَ وَسَلَّمَ اللَهُ الَّذي
أَعطاكَ فَضلًا لَيسَ بِالمَحسوبِ

وَعَلى القَرابَةِ وَالصَحابَةِ كلّهم
ما أُتبِعَ المَفروضُ بِالمَندوبِ

مِن كُلِّ بَحرٍ في الفَضائِل مُهتَدٍ
بِالحَقِّ بَرٍّ بالعفاةِ أَريبِ

ما أَطرَبَت أَمداحُهم مُدّاحَهُم
وَاِشتاقَ مَهجورٌ إِلى مَحبوبِ

إرسال تعليق

0 تعليقات