أَعَرفُكِ راحَ في عُرفِ الرِياحِ
فَهَزَّ مِنَ الهَوى عِطفَ ارتِياحي
وَذِكرُكِ ما تَعَرَّضَ أَم عَذابٌ
غَصِصتُ عَلَيهِ بِالعَذبِ القَراحِ
وَهَل أَنا مِنكِ في نَشَواتِ شَوقٍ
هَفَت بِالعَقلِ أَو نَشَواتِ راحِ
لَعَمرُ هَواكِ ما وَرِيَت زِنادٌ
لِوَصلٍ مِنكِ طالَ لَها اقتِداحي
وَكَم أَسقَمتِ مِن قَلبٍ صَحيحٍ
بِسُقمِ جُفونِكِ المَرضى الصِحاحِ
مَتى أُخفِ الغَرامَ يَصِفهُ جِسمي
بِأَلسِنَةِ الضَنى الخُرسِ الفِصاحِ
فَلَو أَنَّ الثِيابَ فُحِصنَ عَنّي
خَفيتُ خَفاءَ خَصرِكِ في الوِشاحِ
لَلُقّينا مِنَ الواشينِ حَتّى
رَضينا الرُسلَ أَنفاسَ الرِياحِ
وَرُبَّ ظَلامِ لَيلٍ جَنَّ فَوقي
فَنُبتِ عَنِ الصَباحِ إِلى الصَباحِ
فَهَل عَدَتِ العَفافَ هُناكَ نَفسي
فَدَيتُكِ أَو جَنَحتُ إِلى الجُناحِ
وَكَيفَ أَلِجُّ لا يَثني عِناني
رَشادُ العَزمِ عَن غَيِّ الجِماحِ
وَمِن سِرِّ ابنِ عَبّادٍ دَليلٌ
بِهِ بانَ الفَسادُ مِنَ الصَلاحِ
هُوَ المَلِكُ الَّذي بَرَّت فَسَرَّت
خِلالٌ مِنهُ طاهِرَةُ النَواحي
هُمامٌ خَطَّ بِالهِمَمِ السَوامي
مِنَ العَلياءِ في الخِطَطِ الفِساحِ
أَغَرُّ إِذا تَجَهَّمَ وَجهُ دَهرٍ
تَبَلَّجَ فيهِ كَالقَمَرِ اللِياحِ
سَميعُ النَصرِ لِاستِعداءِ جارٍ
أَصَمُّ الجودِ عَن تَفنيدِ لاحِ
ضَرائِبُ جَهمَةٌ في العَتبِ تُتلى
بِأَخلاقٍ لَدى العُتبى مِلاحِ
إِذا أَرِجَ الثَناءُ الرَوعُ مِنها
فَكَم لِلمِسكِ عَنهُ مِنِ افتِضاحِ
هُوَ المُبقي مُلوكَ الأَرضِ تَدمى
قُلوبُهُمُ كَأَفواهِ الجِراحِ
رَآهُ اللَهُ أَجوَدَ بِالعَطايا
وَأَطعَنَ بِالمَكايِدِ وَالرِماحِ
وَأَفرَسَ لِلمَنابِرِ وَالمَذاكي
وَأَبهى في البُرودِ وَفي السِلاحِ
وَأَمنَعَهُم حِمى عِرضٍ مَصونٍ
وَأَوسَعَهُم ذُرا مالٍ مُباحِ
فَراضَ لَهُ الوَرى حَتّى تَأَدَّت
إِلَيهِ إِتاوَةُ الحَيِّ اللِقاحِ
لِمُعتَضِدٍ بِهِ أَرضاهُ سَعيًا
فَأَقبَلَ وَجهَهُ وَجهَ الفَلاحِ
فَمَن قاسَ المُلوكَ إِلَيهِ جَهلًا
كَمَن قاسَ النُجومَ إِلى بَراحِ
وَمُعتَقِدُ الرِياسَةِ في سِواهُ
كَمُعتَقِدِ النُبُوَّةِ في سَجاحِ
أَبَحرَ الجودِ في يَومِ العَطايا
وَلَيثَ البَأسِ في يَومِ الكِفاحِ
لَقَد سَفَرَت بِعِلَّتِكَ اللَيالي
لَنا عَن وَجهِ حادِثَةٍ وَقاحِ
أَلَستَ مُصِحَّها مِن كُلِّ داءٍ
وَمُبدي حُسنَ أَوجُهِها الصِباحِ
وَلَو كَشَفَت عَنِ الصَفَحاتِ شامَت
بُروقَ المَوتِ مِن بيضِ الصِفاحِ
وَقاكَ اللَهُ ما تَخشى وَوالى
عَلَيكَ بِصُنعِهِ المُغدى المُراحِ
فَلَو أَنَّ السَعادَةَ سَوَّغَتنا
تِجارَتَها المُلِثَّةَ بِالرَباحِ
تَجافَينا عَبيدَكَ عَن نُفوسٍ
عَلَيكَ مِنَ الضَنى حَرّى شِحاحِ
تُهَنَّأُ فيكَ بِالبُرءِ المُوَفّى
وَتُبهَجُ مِنكَ بِالأَلَمِ المُزاحِ
فَدَيتُكَ كَم لِعَينِيَ مِن سُمُوٍّ
لَدَيكَ وَكَم لِنَفسِيَ مِن طَماحِ
أَلا هَل جاءَ مَن فارَقتُ أَنّي
بِساحاتِ المُنى رَفلُ المَراحِ
وَأَنّي مِن ظِلالِكَ في زَمانٍ
نَدي الآصالِ رَقراقِ الضَواحي
تُحَيِّيني بِرَيحانِ التَحَفّي
وَتُصبِحُني مُعَتَّقَةُ السَماحِ
فَها أَنا قَد ثَمِلتُ مِنَ الأَيادي
إِذِ اتَّصَلَ اغتِباقي في اصطِباحي
فَإِن أَعجِز فَإِنَّ النُصحَ ثَقفٌ
وَإِن أَشكُر فَإِنَّ الشُكرَ صاحِ
لِما أَكسَبتَ قَدري مِن سَناءٍ
وَما لَقَّيتَ سَعيي مِن نَجاحِ
لَقَد أَنفَذتَ في الآمالِ حُكمي
وَأَجرَيتَ الزَمانَ عَلى اقتِراحي
وَهَل أَخشى وُقوعًا دونَ حَظٍّ
إِذا ما أُثَّ ريشُكَ مِن جَناحي
فَما استَسقَيتُ مِن غَيمٍ جَهامٍ
وَلا استَورَيتُ مِن زَندٍ شَحاحِ
وَواصَلَني جَميلُكَ في مَغيبي
وَطالَعَني نَداكَ مَعَ انتِزاحي
وَلَم أَنفَكُّ إِذ عَدَتِ العَوادي
إِلَيكَ رَهينَ شَوقٍ وَالتِياحِ
فَحَسبيَ أَنتَ مِن مُسدٍ لِنُعمى
وَحَسبُكَ بي بِشُكرٍ وَامتِداحِ
0 تعليقات