أَرَسمَ دِيارٍ بِالسِتارَينِ تَعرِفُ
عَفَتها شَمالٌ ذاتُ نيرَينِ حَرجَفُ
مُبَكِّرَةٌ لِلدارِ أَيما ثُمامُها
فَيَبقى وَأَيما عَن حَصاها فَتَقرِفُ
حَرونٌ عَلى الأَطلالِ مِن كُلِّ صَيفَةٍ
وَفَقّا عَلَيها ذو عَثانينَ أَكلَفُ
إِذا حَنَّ سُلّافُ الرَبيعِ أَمامَها
وَراحَت رَواياهُ عَلى الأَرضِ تَرجُفُ
فَلَم تَدَعِ الأَرواحُ وَالماءُ وَالبِلى
مِنَ الدارِ إِلّا مايَشوقُ وَيَشعَفُ
رُسومًا كَآياتِ الكِتابِ مُبينَةٍ
بِها لِلحَزينِ الصَبِّ مَبكى وَمَوقِفُ
وَقَفتُ بِها وَالدَمعُ يَجري حَبابَهُ
عَلى النَحرِ حَتّى كادَتِ الشَمسُ تُكسَفُ
تَذَكَّرتَ أَيّامًا تَسَلَّفتُ لينَها
عَلى لِذَّةٍ لَو يُرجَعُ المُتَسَلَّفُ
كَأَنَّكَ لَم تَعهَد بِها الحَيَّ جيرَةً
جَميعَ الهَوى في عَيشِهِ ماتُصَرِّفُ
إِذِ الناسُ ناسٌ وَالبِلادُ بِغِرَّةٍ
وَأَنتَ بِها صَبُّ القَرينَةِ مولِفُ
وَقَد كانَ في الهِجرانِ لَو كُنتَ ناسِيًا
رَميمَ وَهَل يُنسى رَبيعٌ وَصَيَّفُ
وَلَم تُنسِني الأَيّامُ وَالبَغيُ بَينَنا
رَميمُ وَلا قَذفُ النَوى حينَ تَقذِفُ
وَلَم يَحلُ في عَيني بَديلٌ مَكانَها
وَلَم يَلتَبِس بي حَبلُ مَن يَتَعَطَّفُ
وَقَد حَلَفَت وَالسِترُ بَيني وَبَينَها
بِرَبِّ حَجيجٍ قَد أَهَلّوا وَعَرَّفوا
عَلى ضُمَّرٍ في الميسِ يَنفُخنَ في البُرى
إِذا شابَكَت أَنيابُها اللَجنَ تَصرِفِ
لَقَد مَسَّني مِنكِ الجَوى غَيرَ أَنَّني
أَخافُ كَما يَخشى عَلى ذاكَ أَحِلفُ
وَكانَ صُدودٌ بَعدَ ناءَبطَنَ الهَوى
قُلوبًا فَكادَت لِلَّذي كانَ تُجنَفُ
كَتَركِ الأَميمِ الهائِمِ الماءَ بَعدَما
تَنَحّى بِكَفَّيهِ يَسوفُ وَيَغرِفُ
وَداوِيَّةٌ لايَأمَنُ الرَكبُ جَوزَها
بِها صارِخاتُ الهامِ وَالبومِ يَهتِفُ
دَعاني بِها داعي رَميمٍ وَبَينَنا
بَهيمُ الحَواشي ذو أَهاويلِ أَغضَفُ
تَقَحَّمتُ لَيلَ العيسِ وَهيَ رَذِيَّةٌ
وَكَلَّفتُ أَصحابي الوَجيفَ فَأَوجَفوا
لِنِخبِرَ عَنها أَو نَرى سَروَ أَرضِها
وَقَد يُتعِبُ الرَكبَ المُحِبُّ المُكَلَّفُ
وَلَو لَم تَمِل بِالعيسِ مَعوِيَّةُ العُرى
لَمالَ بِها أَيكٌ أَثيثٌ وَغَريفُ
وَمَكنونَةٌ سودُ المَجاثِمِ لَم يَزَل
يُهَيِّرَها لِلعَيكَتَينِ التَلَهُّفِ
وَما العَيشُ إِلّا في ثَلاثٍ هِيَ المُنى
فَمَن نالَها مِن بَعدُ لا يَتَخَوَّفُ
صِحابَةُ فِتيانٍ عَلى ناعِجِيَّةٍ
مَناسِمُها بِالأَمعَزِ المَحلِ تَرعُفُ
وَكَأسٌ بِأَيدي الساقِيَينِ رَوِيَّةٌ
يُمِدّانِ راوُقيهِما حينَ تُنزَفُ
وَرَبَّةُ خِدرٍ يَنفُحُ المِسكَ جَيبُها
تَضَوَّعَ رَيّاها بِهِ حينَ تَصدِفُ
إِذا سُلِبَت فَوقَ الحَشِيّاتِ أَشرَقَت
كَما أَشرَقَ الدِعصَ الهِجانُ المُصَيَّفُ
0 تعليقات