ما كُلُّ يومٍ يَنالُ المَرْءُ ما طَلَبا
ولا يُسَوِّغُهُ المِقْدارُ ما وَهَبا
وأَحْزَمُ النَّاسِ مَنْ إِنْ نالَ فُرْصَتَهُ
لَمْ يَجْعَلِ السَّبَبَ المَوْصُولَ مُقْتَضَبا
وأَنْصَفُ النَّاسِ في كُلِّ المَواطِنِ مَنْ
سَقَى المُعادِينَ بالكَأْسِ الذي شَرِبا
ولَيْسَ يَظْلِمُهُمْ مَنْ راحَ يَضْرِبُهُمْ
بِحَدِّ سَيْفٍ بهِ مِنْ قَبْلِهِ ضُرِبا
والعَفْوُ إِلاَّ عن الأَكْفاءِ مَكْرُمَةً
مَن قالَ غَيْرَ الذي قد قُلْتُهُ كَذَبا
قَتَلْتَ عَمْرًا، وتَسْتَبْقِي يَزِيدَ لقَدْ
رَأَيْتَ رَأْيًا يَجُرُّ الوَيْلَ والحَرَبا
لا تَقْطَعَنْ ذَنَبَ الأَفْعَى وتُرْسِلَها
إِنْ كنتَ شَهْمًا فأَلْحِقْ رَأْسَها الذَّنَب
هُمْ جَرَّدُوا السَّيْفَ فاجْعَلْهُمْ له جَزَرًا
وأَضْرَمُوا النَّارَ فاجْعَلْهُمْ لها حَطَبا
واذْكُرْ لمَنْجاهُمُ مَثْوَى أَبِي كَرِبٍ
وحَبْسَ آلِ عَدِيٍّ عِنْدَهُمْ حِقَبا
أَمْسَتْ تُضَرَّبُ بالبَلْقَاءِ هامَتُهُ
ونحنُ نَسْتَعْمِلُ اللَّذَّاتِ والطَرَبا
لا عَفْوَ عن مِثْلِهِمْ؟ في مِثْل ما طَلَبُوا
فإِنْ يَكُنْ ذاكَ! كانَ الهُلْكَ والعَطَبا
إِنْ حاوَلُوا المُلْكَ قالَ النَّاسُ: حَقُّهُمُ
ولَيْسَ طالِبُ حَقٍّ مِثْلَ مَنْ غَصَبا
هُمُ أَهِلَّة غَسَّانٍ، ومَجْدُهُمُ عالٍ
فإِنْ حاوَلُوا مُلْكًا فلا عَجَبا!
وعَرَّضُوا بَفِدَاءٍ واصِفِينَ لنا
خَيْلًا وإِبْلًا، تَرُوقُ العُجْمَ والعَرَبا
أَيَحْلِبُونَ دَمًا مِنَّا ونَحْلُبُهُمُ
رسْلًا ؟ لقد شَرَفُونا في الوَرَى حَلَبا
علامَ نَقْبَلُ إِبْلًا منهمُ! وهُمُ
لا فِضَّةً قبِلُوا مِنَّا ولا ذَهَبا
اسْقِ الكِلابَ دَمًا مِنْ عُصْبَةٍ دَمُهُمْ
عندَ البَرِيَّةِ تَسْتَشْفِي به الكَلَبا
لَمْ يَتْرُكُوا سَبَبًا للصُّلْحِ جُهْدَهُمُ
فلا تَكُنْ أَنتَ أَيضًا تارِكًا سَبَبا
لو لَمْ تَسِرْ جازَ أَنْ تَعْفُو مُحاجَزَةً
واللَّيْثُ لا يُحْسِنُ البُقْيا إِذا وَثَبا!
0 تعليقات