لَيتَ الخَيالَ فَريسَةً لِرُقادي
يَدنو بِطَيفِكِ عَن نَوى وَبعادِ
وَلَقَد أَطَلتُ إِلى سُلوكِ شِقَّتي
وَجَعَلتُ هَجرَكِ وَالتَجَنُّبَ زادي
أَهوِن بِما حَمَّلتِنيهِ مِنَ الضَنى
لَو أَنَّ طَيفَكِ كانَ مِن عُوّادي
وَلَقَلَّما نَزَلَ الخَيالُ بِمُقلَةٍ
رَوعاءَ نافِرَةٍ بِغَيرِ رُقادِ
ما تَلتَقي الأَجفانُ مِنها ساعَةً
وَإِذا التَقَت فَلِغَضِّ دَمعٍ بادِ
لا يَبعَدَن قَلبي الَّذي خَلَّفتُهُ
وَقفًا عَلى الإِتِهامِ وَالإِنجادِ
إِنَّ الَّذي عَمَرَ الرَقادَ وِسادَةً
لَم يَدرِ كَيفَ نَبا عَليَّ وِسادي
لا زالَ جَيبُ اللَيلِ مُنفَصِمَ العُرى
عَن كُلِّ أَوطَفَ مُبرِقٍ مِرعادِ
يَسقي مَنازِلَ عاثَ فيهِنَّ البِلى
بَينَ الغُوَيرِ فَجانِبِ الأَجمادِ
وَإِذا الرِياحُ تَبَوَّعَت فَصُدورُها
لِعِناقِ حاضِرِ أَرضِكُم وَالبادي
وَلَقَد بَعَثتُ مِنَ الدُموعِ إِلَيكُمُ
بِرَكائِبٍ وَمِنَ الزَفيرِ بِحادِ
إِنّي مَتى اِستَنجَدتُ سِربَ مَدامِعٍ
خَذَلَتهُ أَسرابُ الفِراقِ العادي
لَولا هَواكِ لَما ذَلَلتُ وَإِنَّما
عِزّي يُعَيِّرُني بِذُلِّ فُؤادي
ما لِلزَمانِ يَذودُني عَن مَطلَبي
وَيُريغُني عَن طارِفي وَتِلادي
يَحنو عَلَيَّ إِذا أَقَمتُ كَأَنِّيَ ال
أَسرارُ في أَحشاءِ كُلِّ بِلادِ
عاداتُ هَذا الناسِ ذَمُّ مُفَضَّلٍ
وَمَلامُ مِقدامٍ وَعَذلُ جَوادِ
وَلَقَد عَجِبتُ وَلا عَجيبٌ أَنَّهُ
كُلُّ الوَرى لِلفاضِلينَ أَعادي
وَأَرى زَماني يَستَلينُ عَريكَتي
وَأَرى عَدوّي يَستَحِرُّ عِنادي
أَتَظُنُّني أَلقى إِلَيكَ يَدًا وَما
بَيني وَبَينَكَ غَيرُ ضَربِ الهادي
أَسعى لِكُلِّ عَظيمَةٍ فَأَنالُها
عَزمًا يَفوتُ هَواجِسَ الحُسّادِ
عَزمًا قَوِيًّا لا يُشاوِرُ رِقبَةً
لِلخَطبِ في الإِصدارِ وَالإيرادِ
ما زالَ يَشهَدُ لي إِذا اِستَنطَقتُهُ
بِالجودِ في لَيلي لِسانُ زِنادي
إِنّي لَتَحقُنُ ماءَ وَجهي هِمَّتي
مِن أَن يُراقَ عَلى يَدي بِأَيادِ
مِمّا يُقَلِّلُ رَغبَتي أَنّي أَرى
صَفدي بِبَذلِ المالِ مِثلَ صِفادي
وَالمالُ أَهوَنُ مَطلَبًا مِن أَن أُرى
ضَرِعًا أُرامي دُونَهُ وَأُرادي
وَمُناضِلٍ عَثَرَت بِهِ أَحسابُهُ
في مَسلَكٍ وَعِرٍ مِنَ الأَجدادِ
خَلَّقتُ عُرفَ جَوادِهِ بِنَجيعِهِ
وَالسَبقُ في طَلَقِ الرَدى لِجَوادي
وَلَرُبَّ يَومٍ غَضَّةٍ أَطرافُهُ
صُقِلَت بِخَطوِ رَوائِحٍ وَغَوادي
يَومٍ أَراقَ دَمَ الغَمامِ عَلى السُرى
بِظُبىً مِنَ الإيماضِ غيرَ حِدادِ
وَلِغُرَّةِ الجَوِّ الرَقيقِ أَسِرَّةٌ
يَلمَعنَ مِن قِطَعِ السَحابِ الغادي
جاذَبتُهُ صافي أَديمِ هَجيرِهِ
وَاليَعمَلاتُ شَواحِبُ الأَعضادِ
في فِتيَةٍ سَلَبوا النَهارَ ضِياءَهُ
وَرَموا بَياضَ جَبينِهِ بِسَوادِ
وَحَشوا حَشا الظَلماءِ مِلءَ جَنانِها
حَتّى تَصَدَّعَ بِالصَديعِ البادي
وَكَأَنَّما بيضُ النُجومِ فَواقِعٌ
في زاخِرٍ مُتَتابِعِ الإِزبادِ
نالوا عَلى قَدرِ الرَجاءِ وَإِنَّما
يَروى عَلى قَدرِ الأُوامِ الصادي
قَومٌ إِذا قَرَعوا زُنودًا لِلقِرى
سَتَروا فُروجَ النارِ بِالوُرّادِ
ما ضَلَّ في قَلبِ اِمرِىءٍ أَمَلٌ سَرى
إِلّا وُجودُهُمُ الهُدى وَالهادي
طُنُبٌ يُعَثَّرنَ الخُطوبَ وَباحَةٌ
مَمنوعَةٌ إِلّا مِنَ الرُوّادِ
سَحَبوا أَنابيبَ القَنا فَكَأَنَّما
سَحَبوا بِهِنَّ حَواشِيَ الأَبرادِ
يَزجُرنَ جُردًا لا تُقِرُّ عَلى الثَرى
مَرَحًا كَأَنَّ التُربَ شَوكُ قَتادِ
مَن كُلِّ تَلعاءِ المَناكِبِ جيدُها
يُغني عَنِ القَرَبوسِ يَومَ طِرادِ
ضَرَبوا قِبابَ البيضِ فَوقَ مَفارِقٍ
أَطنابُها شَرعُ القَنا المَيّادِ
ذُبُلٌ يُهَذِّبُها الطِعانُ وَإِنَّها
تَزدادُ جَهلًا كُلَّ يَومِ جِلادِ
يَحمِلنَ عِبءَ المَوتِ وَهيَ خَفايِفٌ
في الطَعنِ بَينَ جَناجِنٍ وَهَوادِ
هُم أَنشَبوا قِصَدَ القَنا مِن وائِلٍ
مِن حَيثُ نارُ الحِقدِ في إيقادِ
وَلَغوا بِوَقعِ حَوافِرٍ في مَأزِقٍ
مَلَأوا بِهِنَّ مَسامِعَ الأَصلادِ
نَجبٌ نَفَضنَ لَهُ الفَرائِصَ خَيفَةً
تَحتَ العَرينِ بِرائِنُ الآسادِ
لَبِسَت لَهُ الحَربُ المَشوبَةُ قِبلَةً
وَتعَوَّدَت مِنهُ صُدورَ صِعادِ
وَلَدَت وُجوهُهُمُ العِجاجَةَ طَلعَةً
وَظُبى السُيوفِ ثَواكِلُ الأَغمادِ
مِن كُلِّ نَصلٍ أَضمَرَت أَحشاؤُهُ ال
أَرواحَ وَهوَ حَشىً بِغَيرِ فُؤادِ
الخَيلُ تَرتَشِفُ الصَعيدَ نُسورُها
طَردًا وَتَلفِظُهُ عَلى الأَكتادِ
أَقبَلنَ مِثلَ السَيلِ صَوَّبَ عُنقَهُ
نَشَزُ العِقابِ إِلى قَرارِ الوادي
وَتَكادُ تَمسَحُ مِن دِماءِ جِراحِها
آثارَ ما نَقَشَت عَلى الأَطوادِ
تَرجيعُ قَعقَعَةِ الشَكيمِ إِذا سَرَت
لِعُداتِها بَدَلٌ مِنَ الإيعادِ
يَومٌ كَأَنَّ الأَرضَ فيهِ عانَقَت
صَدرَ السَماءِ بِعارِضٍ مُنقادِ
وَيَكادُ جامِحُهُ يُثَقِّفُ في الطُلى
بِالطَعنِ أَطرافَ القَنا المُنآدِ
وَكَأَنَّهُنَّ إِذا اِنحَنَينَ رَواكِعٌ
صَلَّت إِلى قِبَلٍ مِنَ الأَكبادِ
وَشَقَقنَ أَردِيَةَ الضَغائِنِ بِالرَدى
مِن بَعدِ ما شَمَلَت قُلوبَ إِيادِ
إِن يُسلَبوا ضافي الدُروعِ فَإِنَّهُم
كاسونَ مِن عَلَقٍ دُروعَ جِسادِ
رَجَعَ الضِرابُ رِجالَهُم بِعمائِمٍ
مُحمَرَّةٍ وَنِساهُمُ بِحِدادِ
لا يَنقُضونَ بُنى الحُقودِ كَأَنَّما
شيدَت ضُلوعُهُمُ عَلى الأَحقادِ
مُهَجٌّ كَأُنبوبِ اليَراعِ إِذا عَدا
رَوعٌ وَعِندَ المُطمِعاتِ عَوادي
كادَت تَطيرُ مَخافَةً لَو لَم تَكُن
مِن شُرَّعِ الأَرماحِ في أَسدادِ
بَلَغَت لَنا الأَرماحُ كُلَّ طَماعَةٍ
وَحَوَت لَنا الأَسيافُ كُلَّ مُرادِ
أَنا خِلُّ كُلِّ فَتىً إِذا أَيقَظتُهُ
أَيقَظتُ كَالنَضاضِ أَو كَالعادي
أَلِفَ الحُسامَ فَلَو دَعاهُ لَغارَةٍ
عَجلانُ صاحَبَهُ بِغَيرِ نِجادِ
كَفّاهُ تَصديها الدِماءُ مِنَ القَنا
طَورًا وَيَصقُلُها النَدى في النادي
إِن جادَ أَقنى المُعسِرينَ وَإِن سَطا
أَفنى القَنا بِمَوايِرِ الفِرصادِ
مَن مُبلِغُ الشُعَراءِ عَنّي أَنَّ لي
قَولَ الفُحولِ وَنَجدَةَ الأَنجادِ
قَد كانَ هَذا الشِعرُ يُنزَعُ في الدُنا
عَنهُم فَكانَ عِقالَهُ ميلادي
0 تعليقات