أجَل أنا مَن أَرضاكَ خلًّا مُوافِيًا
وَيُرضيكَ في الباكين لو كنتَ واعِيا
وَقلبِيَ ذاك المَورِدُ العَذبُ لم يَزَل
كَما ذُقتَ منه الحبُّ وَالوُدَّ صافِيا
سِوى أَنَّه يَعتادُه الحُزنُ كلَّما
رَآكَ عن الحَوضِ المُهَدَّدِ نائِيا
وَيَعثُرُ في بعض الخُطوب إذا مشى
إلى بعض ما يَهوى فَيرجِعَ دامِيا
وَإِن رامَهُ سِربُ المَسَرّاتِ لم يَجِد
مَحَلًّا بهِ من لاعجِ الهَمِّ خاليا
أَلا عَلِّلاني بِالتَعازي وَأَقنِعا
فُؤاديَ أَن يَرضى بهِنَّ تَعازِيا
وَإِلّا أَعيناني على النَوحِ وَالبُكا
فَشَأنُكما شَأني وما بِكُما بِيا
وَما نافِعي أن تَبكيا غيرَ أنّي
أُحبُّ دموعَ البِرِّ والمرءَ وافِيا
أَيا مصطفى تَاللَهِ نَومُكَ رابَنا
أَمِثلُكَ يَرضى أن ينامَ اللَياليا
تكلَّم فَإنَّ القوم حولَكَ أطرَقوا
وَقُل يا خطيبَ الحيِّ رَأيَكَ عالِيا
لقد أوشَكَت من طولِ صَمتٍ وَهجرَةٍ
تخالُكَ أعوادُ المَنابِرِ فانيا
وَتَبكيكَ لولا أنَّ فيها بَقِيَّةً
تُعَلِّلها من ذلك الصَوتِ داوِيا
فهَل أَلَّفَت ما بَينَ جَفنِكَ والكَرى
مُحالَفَةٌ أم قد أَمِنتَ الأَعاديا
فَقَدناكَ فُقدانَ الكَمِىِّ سِلاحَه
وَسارى الدِياجي كَوكَبَ القُطبِ هادِيا
وَبِتنا وَدَمعُ العَينِ أندى خَمائِلًا
وَأكثرُ إسعافا منَ الغَيثِ هاميا
وَلَولا تُراثٌ مِن أمانيكَ عندنا
كريمٌ بَكَينا إذ بَكَينا الأَمانيا
طَواكَ الرَدى طَيَّ الكتابِ تَضَمَّنَت
صحائِفهُ من كلِّ فخرٍ معانِيا
مَضاءٌ إذا البيضُ انتَمَت لِأُصولِها
غَضِبنا إذا سَمّاكَ قومٌ يَمانِيا
وَرَأيٌ يُجَلّى اليَأسَ واليَأسُ ضارِبُ
عَلى الأُفقِ ليلا فاحمَ اللَونِ داجِيا
إِذا ما تَقاضَينا وَلم تَكُ بيننا
ذَكَرناهما حتّى نُجيدَ التَقاضِيا
فَلَيتكَ إذ أَعيَيتَ كلَّ مُساجِلٍ
قَنِعتَ فَلم تُعيِ الطَبيبَ المُداوِيا
وَلَيتَكَ إذ ناضَلتَ عن مصرَ لم تُفِض
مع الحِبرِ قلبًا يعلمُ اللَهُ غالِيا
لَقد ضاع إخلاصُ الطبيبِ وَحِذقُه
سُدىً فَبَكى الفخرَ الذي كان راجِيا
ولم تَنتَهِز تلك العَقاقيرُ فُرصَةٌ
تُرى الناسَ فيها فضلَ بُقراطَ بادِيا
يَحيّيك سَيفًا باتَ في التُربِ مُغمَدًا
تَقَلَّدَه فيما مَضى الحقُّ ماضِيا
0 تعليقات