يا دارَ هِندٍ عَفاها كُلُّ هَطّالِ
بِالجَوِّ مِثلَ سَحيقِ اليُمنَةِ البالي
جَرَت عَلَيها رِياحُ الصَيفِ فَاِطَّرَدَت
وَالريحُ فيها تُعَفّيها بِأَذيالِ
حَبَستُ فيها صِحابي كَي أُسائِلَها
وَالدَمعُ قَد بَلَّ مِنّي جَيبَ سِربالي
شَوقًا إِلى الحَيِّ أَيّامَ الجَميعُ بِها
وَكَيفَ يَطرَبُ أَو يَشتاقُ أَمثالي
وَقَد عَلا لِمَّتي شَيبٌ فَوَدَّعَني
مِنها الغَواني وَداعَ الصارِمِ القالي
وَقَد أُسَلّي هُمومي حينَ تَحضُرُني
بِجَسرَةٍ كَعَلاةِ القَينِ شِملالِ
زَيّافَةٍ بِقُتودِ الرَحلِ ناجِيَةٍ
تَفري الهَجيرَ بِتَبغيلٍ وَإِرقالِ
مَقذوفَةٍ بِلَكيكِ اللَحمِ عَن عُرُضٍ
كَمُفرَدٍ وَحَدٍ بِالجَوِّ ذَيّالِ
هَذا وَرُبَّتَ حَربٍ قَد سَمَوتُ لَها
حَتّى شَبَبتُ لَها نارًا بِإِشعالِ
تَحتي مُضَبَّرَةٌ جَرداءُ عِجلِزَةٌ
كَالسَهمِ أَرسَلَهُ مِن كَفِّهِ الغالي
وَكَبشِ مَلمومَةٍ بادٍ نَواجِذُهُ
شَهباءَ ذاتِ سَرابيلٍ وَأَبطالِ
أَوجَرتُ جُفرَتَهُ خُرصًا فَمالَ بِهِ
كَما اِنثَنى مُخضَدٌ مِن ناعِمِ الضالِ
وَلَهوَةٍ كَرُضابِ المِسكِ طالَ بِها
في دَنِّها كَرُّ حَولٍ بَعدَ أَحوالِ
باكَرتُها قَبلَ ما بَدا الصَباحُ لَنا
في بَيتِ مُنهَمِرِ الكَفَّينِ مِفضالِ
وَعَبلَةٍ كَمَهاةِ الجَوِّ ناعِمَةٍ
كَأَنَّ ريقَتَها شيبَت بِسَلسالِ
قَد بِتُّ أُلعِبُها وَهنًا وَتُلعِبُني
ثُمَّ اِنصَرَفتُ وَهِي مِنّي عَلى بالِ
بانَ الشَبابُ فَآلى لا يُلِمُّ بِنا
وَاِحتَلَّ بي مِن مُلِمِّ الشَيبِ مِحلالِ
وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَحتَلُّ ساحَتَهُ
لِلَّهِ دَرُّ سَوادِ اللِمَّةِ الخالي
0 تعليقات